قلنا : المنقول عن أكثر المفسرين : كالنقاش (١) ، وغيره. أنهم قالوا : المراد منه ما تقدم من ذنبه عليه ـ الصلاة والسلام ـ فى الجاهلية وما تأخر : أى بعد النبوة.
وما ذكروه فغير مروى عن موثوق به ؛ كيف وأنه يمتنع الحمل على ما ذكروه.
أما الاحتمال الأول الّذي ذكروه : فلأنه إنما يحسن إضافة فعل الأتباع إلى مقدمهم ، إذا كان فعلهم مرتبطا به ، وهو منه بسبب ، وذلك بأن يكون سببا فى تمكنهم من الفعل ، وإقدامهم عليه ، وعدم خوفهم من المعترض عليهم ؛ لأجل رئيسهم ، وأما إذا لم يكن كذلك فلا. ولا يخفى أن ما نحن فيه ليس كذلك.
وما ذكروه من الاحتمال الثانى : وهو إضافة الذنب إليه ؛ لكونه مصدرا ؛ فإنما يصح فيما كان من المصادر متعديا : كالضرب ونحوه. وأما ما لا يكون متعديا : كالذنب فلا نسلم صحة إضافته إلى المفعول ، ولا أن ذلك واقع فى العربية.
ثم وإن سلمنا صحة هذه الإضافة ، غير أنها على خلاف الظاهر من إضافة الذنب إلى النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ولهذا كان حمله على صدور الذنب منه متبادرا إلى الفهم ، بخلاف ما ذكروه من الاحتمالات فإنها لا تفهم من اللفظ إلا بعد تكلف ، ومشقة فى النظر ، ولا يخفى أن ترك الظاهر من غير دليل ممتنع.
قولهم : ذلك محمول على ترك الأفضل ، والأولى.
ليس كذلك : فإنه لا مناسبة بين الغفران والذنب بهذا المعنى ، / / كيف وأنه على خلاف الظاهر من اللفظ ؛ فيمتنع المصير إليه إلا بدليل.
__________________
(١) النقاش : محمد بن الحسن بن محمد بن زياد ، أبو بكر النقاش. عالم بالقرآن وتفسيره أصله من الموصل ، ومنشأه ببغداد رحل رحلات طويلة وكان فى مبدأ أمره يتعاطى نقش السقوف والحيطان فعرف بالنقاش.
ولد سنة ٢٦٦ ه وتوفى سنة ٣٥١ ه قال الذهبى : «وقد اعتمد الدانى فى التيسير على رواياته للقرآن ، والله أعلم ، فإن قلبى لا يسكن إليه وهو عندى متهم عفا الله عنه» وقال عنه أبو القاسم اللالكائى : «تفسير النقاش شقاء للصدور وليس بشفاء الصدور».
[ميزان الاعتدال للذهبى ٣ / ٤٥ ووفيات الأعيان ١ / ٤٨٩].
/ / أول ل ١٠٢ / أ.