يعرف فيه خلافه بين الأصحاب. ولو خرّ عقب الاحياء ، والتّكذيب ميتا ، فقد قال القاضى : إنّه يدلّ على تكذيبه كتكذيب اليد.
والحقّ أنّه لا فرق بين تكذيبه مع استمرار الحياة وتكذيبه مع تعقب الموت له من حيث أن نطقه بعد احيائه ليس بمعجز وإنّما المعجز الإحياء ؛ بخلاف نطق اليد.
وأما أنّها لا تكون متقدّمة [على دعواه (١)]
وذلك كما لو قال آية صدقى ما كان [قد ظهر على يدى] (٢) من الخارق ؛ لأنّها إنّما تدل على صدقه من حيث أنّها نازلة منزلة التّصديق له والخارق المتقدّم لا يكون كذلك.
فإن قيل : فلو قال آية صدقى أنّ فى هذا الصّندوق المغلق كذا على كذا مع سبق علمنا قبل غلقه بخلوه عما أخبر به مع استمرار الصندوق بين أيدينا من حالة غلقه إلى حالة فتحه ؛ فإنّه يكون معجزا بتقدير ظهوره كما أخبر. وإن جاز أن يكون مخلوقا لله ـ تعالى ـ قبل التحدى على وفق دعواه.
قلنا : وإن جاز أن يكون مخلوقا قبل التّحدى ؛ فليس الإعجاز فى خلقه ، ووجوده ؛ إنّما هو فى اخباره بالغيب ؛ وهو واقع بعد التّحدى على وفق دعواه.
فإن قيل : فمن الجائز أن يكون الرّب ـ تعالى ـ قد خلق له العلم بذلك قبل التحدى.
فنقول : لو كان العلم به مخلوقا له قبل التحدي ؛ لما كان إخباره به ينزّل منزلة التّصديق ، ولا يكون آية على صدقه ؛ ويكون كاذبا فى دعواه أنّه دليل صدقه ، والكاذب عندنا لا يتصوّر ظهور الخارق على يده كما يأتى تحقيقه.
فإن قيل : ما ذكرتموه من امتناع تقدّم المعجزة على الدّعوى يفضى إلى إبطال كثير مما نقل من معجزات أنبيائكم ، وذلك ككلام عيسى فى المهد ، وتساقط الرّطب الجنى عليه من النخلة اليابسة قبل نبوّته ، وكذلك ما نقلتموه من معجزات نبيّكم قبل مبعثه : كتسليم الحجر عليه والشّجر ، والمدر ، وشقّ بطنه ، وغسل قلبه ، إلى غير ذلك.
فنقول : كل خارق ظهر على يد النّبيّ قبل (٣) بعثته ؛ فهو من باب الكرامات.
__________________
(١) ساقط من (أ)
(٢) فى أ(ظهر على صدقى)
(٣) (قبل) ساقط من ب