قولهم : يلزم من ذلك إيذاء النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بالإنكار عليه ؛ وهو غير جائز.
قلنا : الإنكار عليه بتقدير صدور المعصية منه : إما أن يكون مشروعا ، أو غير مشروع.
فإن كان الأول : فاللعن بفعل ما هو مشروع ممتنع بالإجماع.
وإن كان الثانى : فقد امتنع لزوم إيذاء النبي ـ صلىاللهعليهوسلم.
قولهم : إما أن نكون مأمورين باتباعه ، أو غير مأمورين.
قلنا : غير مأمورين باتباعه فى المعصية ، وما ذكروه من آيات الاتباع فعامة. وقوله : ـ تعالى ـ : (إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ) (١). خاص ، والخاص مقدم على العام.
قولهم : يلزم أن يكون من أهل جهنم.
لا نسلم به ، وقوله ـ تعالى ـ : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ) (٢). لا نسلم صيغة العموم فى كل الأشخاص.
وإن سلمنا صيغة العموم فى الأشخاص ؛ فلا نسلم أنه يلزم من العموم فى الأشخاص العموم فى الأحوال ولهذا فإنه لو قال لزوجاته : من دخلت منكن الدار ؛ فهى طالق. فإنه وإن كان عاما فى الزوجات ؛ فلا يكون عاما لكل دخول ، ولهذا فإنه لا يتكرر الطلاق بتكرار الدخول ؛ فكذلك لا يلزم من العموم فى الأشخاص فيما نحن فيه. العموم فى المعصية.
وإن سلمنا العموم فى كل معصية لكنه مخصوص بالإجماع ، وبقوله ـ تعالى ـ : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) (٣). والعام بعد التخصيص لا نسلم أنه يبقى حجة وإن علمنا أنه حجة غير أنا قد بينا جواز صدور الصغائر عن الأنبياء ، والإجماع منعقد على نجاتهم من النار ؛ فيجب إخراجهم من العموم جمعا بين الأدلة بأقصى الإمكان.
__________________
(١) سورة الأعراف ٧ / ٢٨.
(٢) سورة الجن ٧٢ / ٢٣.
(٣) سورة النساء ٤ / ٤٨.