قولهم : إنه يلزم أن يكون استحقاقه للعقاب على معصية يزيد على استحقاق غيره.
فنقول : إن أردتم باستحقاقه للعقاب أنه يجب على الله تعالى ـ أن يعاقبه ؛ فهو باطل بما أسلفناه من امتناع ذلك على الله تعالى ـ.
وإن أردتم / به ملازمة العقاب له سمعا ؛ فهو أيضا ممنوع فلئن قلتم دليله قوله ـ تعالى ـ : (وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (١) ، وقوله ـ تعالى ـ : (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا) (٢) ، وقوله ـ تعالى ـ : (وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها) (٣) ، إلى غير ذلك من الآيات.
قلنا : أولا لا نسلم وجود صيغة العموم فى الأشخاص [فى هذه الآيات على ما عرف من أصلنا.
وإن سلمنا العموم فى الأشخاص] (٤) ؛ فلا نسلم العموم فى قوله ـ تعالى ـ : (مِثْقالَ ذَرَّةٍ) (٥) ، وكذلك فى الاساءة ؛ بل (٦) هو مطلق (٦) ، وقد عمل به فى الكفر ، والكبائر ، والمطلق إذا عمل به فى صورة ، خرج عن أن يكون حجة فى غيرها.
وإن أردتم به جواز عقابه عقلا ؛ فهو كذلك عندنا ، وإن كان ممتنعا سمعا.
وإن أردتم به غير ذلك : فبينوه.
وإن سلمنا لزوم العقاب على المعصية. ولكن لا نسلم لزوم المساواة ، ولفظ السيئة فى الآيتين مطلق ، وقد عمل به فى صورة فلا يكون حجة.
كيف وأن ما ذكروه وإن دل على امتناع صدور المعصية منه فى حالة النبوة ؛ فليس فيه ما يدل على امتناعها قبل النبوة.
وقولهم : يلزم منه أن يكون فاسقا غير مقبول الشهادة ، ممنوع ، إذ الكلام إنما هو فى جواز ارتكاب الصغيرة من غير مداومة عليها ، وذلك عندنا غير موجب للفسق ، ورد الشهادة.
__________________
(١) سورة الزلزلة ٩٩ / ٨.
(٢) سورة النجم ٥٣ / ٣١.
(٣) سورة فصلت ٤١ / ٤٦.
(٤) ساقط من (أ).
(٥) سورة الزلزلة ٩٩ / ٨.
(٦) (بل هو مطلق) ساقط من (ب).