الوجه الأول :
أنهم ذكروا ذلك بطريق الاعتراض على الله ـ عزوجل ـ والإنكار لفعله ؛ وذلك من أعظم الذنوب.
الوجه الثاني :
أنهم اغتابوا بنى آدم ، ونسبوهم إلى الفساد ، وسفك الدماء ، والغيبة ذنب لقوله ـ تعالى ـ : (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) (١). نهى عن الغيبة ، والنهى ظاهر فى التحريم ، ثم شبه ذلك بأكل لحم الميت ، والمشبه به حرام ، فكذلك ما شبه به. ولو لا أن الغيبة معصية ؛ لما كان كذلك.
الوجه الثالث :
أنهم كذبوا فيما نسبوا بنى آدم / / إليه ، إذ ليس كان بنى آدم كذلك ، والكذب معصية أيضا.
الوجه الرابع :
أنهم نسبوا أنفسهم إلى التسبيح ، والتقديس بعد الطعن فى بنى آدم على طريق الترفع ، والتعلى ؛ وذلك عجب منهم بأنفسهم ؛ والعجب من الذنوب المهلكة.
فان قيل : لا نسلم أن إبليس كان من الملائكة ؛ بل كان من الجنّ وهو أبو الجنّ كما قاله ابن مسعود (٢) ، والزّهرى (٣) ، والحسن (٤) ، وغيرهم ، ويدل عليه قوله ـ تعالى ـ : (إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِ) (٥) والجنّ ليسوا من الملائكة لوجوه ثلاثة :
__________________
(١) سورة الحجرات ٤٩ / ١٢.
/ / أول ل ١٠٤ / أ.
(٢) انظر عنه ما سبق فى هامش ل ١٥٣ / أ.
(٣) الزّهرى : محمد بن مسلم بن شهاب الزهرى ، من بنى زهرة بن كلاب ، من قريش أول من دون الحديث ، وأحد أكابر الحفاظ والفقهاء ، تابعى من أهل المدينة. كان يحفظ ألفين ومائتى حديث نصفها مسند. نزل الشام واستقر بها ، وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عماله : «عليكم بابن شهاب ؛ فانكم لا تجدون أحدا أعلم بالسنة الماضية منه» ولد سنة ٥٨ ه وتوفى ١٢٤ ه [تذكرة الحفاظ ١ / ١٠٢ ووفيات الأعيان ١ / ٤٥١ والأعلام للزركلى ٧ / ٩٧].
(٤) راجع ما سبق فى هامش ل ١٨٢ / ب.
(٥) سورة الكهف ١٨ / ٥٠.