لو قدمت الإسلام لأعطيتك. وذلك يدل على أفضلية المتقدم ، والأصل فى العرف الشرعى / / أن يكون على وفق العرف العادى ، ولقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ «ما رآه المسلمون حسنا ؛ فهو عند الله حسن» وفى معنى هذه الآية قوله ـ تعالى ـ : (يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ) (١).
الثامن : أن الملائكة أعلم من الأنبياء ؛ فكانوا / أفضل منهم لقوله ـ تعالى ـ : (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (٢) ، وبيان أن الملائكة أعلم : أما بالنسبة إلى ذات الله ـ تعالى ـ وصفاته ، ومخلوقاته العلوية ، والسفلية ؛ فلأنهم أطول أعمارا وأكثر مشاهدة لها من الأنبياء.
وأما بالنسبة إلى الأمور النقلية ، والقضايا الشرعية : فلأنهم عالمون بجملتها ، وأن ما يحصل للأنبياء من العلم بها إنما هو بواسطة الوحى ، وتبليغ الملائكة لهم ذلك.
ولهذا قال الله ـ تعالى ـ فى حق محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى) (٣) : أى جبريل ، والمعلم لا بد وأن يكون أعلم من المتعلم.
التاسع : قوله ـ تعالى ـ فى حق جنس الإنس : (وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً) (٤). وذلك يدل بمفهومه على أنهم ليسوا أفضل من جميع المخلوقات. ومن المعلوم أنهم أفضل من جميع الجمادات ، والحيوانات العجماوات ، والجن ، والشياطين فلو كانوا أفضل من الملائكة ؛ لكانوا أفضل من جميع المخلوقات ؛ وهو خلاف مفهوم الآية.
العاشر : قوله ـ تعالى ـ : (يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) (٥). وقوله ـ تعالى ـ : (جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً) (٦). ووجه الاحتجاج به : أنه قضى بكون الملائكة رسلا ، وإنما يكونون رسلا إلى الأنبياء ، والنبي إنما يكون رسولا
__________________
/ / أول ل ١٠٦ / أ.
(١) سورة الحج ٢٢ / ٧٥.
(٢) سورة الزمر ٣٩ / ٩.
(٣) سورة النجم ٥٣ / ٥.
(٤) سورة الإسراء ١٧ / ٧٠.
(٥) سورة النحل ١٦ / ٢.
(٦) سورة فاطر ٣٥ / ١.