إلى من ليس بنبي. ولا يخفى أن الرسول إلى أمة من الرسل ، يكون أفضل من الرسول إلى أمة ليسوا برسل ، ولا فيهم رسول.
الحادى عشر : قوله ـ تعالى ـ فى حق يوسف عليهالسلام : (ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ) (١). والمشبه بالشيء ، يكون دون ذلك الشيء.
الثانى عشر : قوله ـ تعالى ـ لمحمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : (قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ) (٢). ذكر ذلك فى معرض سلب التعظيم ، ونفى الترفع والنزول عن هذه الدرجات ؛ وذلك يدل على أن حال الملك أفضل وأشرف من حال النبي.
الثالث عشر : قوله ـ تعالى ـ : (ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ) (٣). وذلك يدل على أن حال الملك أفضل من جنس البشر.
الرابع عشر : قوله ـ تعالى ـ : (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ) (٤). ووجه الاحتجاج به ، أنه ابتدأ بالمسيح ، وثنى بالملائكة المقربين ؛ وذلك يدل على أن الملائكة أفضل من المسيح ، كما يقال إن فلانا لا يستنكف الوزير عن خدمته له ولا السلطان. ولا يقال ذلك بالعكس ؛ إذ هو مستقبح عرفا وعادة.
الخامس عشر : قوله ـ تعالى ـ فى وصف / جبريل باتفاق المفسرين : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ* ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ* مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ) (٥). ثم قال ـ تعالى ـ فى وصف محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بعد ذلك (وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ) (٦) ، ولو كان محمد ـ عليه الصلاة والسلام ـ مساويا لجبريل فى صفات الكمال ، أو أفضل منه ؛ لكان الاقتصار فى وصفه على ذلك بعد وصف جبريل بما وصف به ؛ غضا من منصبه ، وتنقيصا من أمره ، وتحقيرا لشأنه ؛ وهو ممتنع.
__________________
(١) سورة يوسف ١٢ / ٣١.
(٢) سورة الأنعام ٦ / ٥٠.
(٣) سورة الأعراف ٧ / ٢٠.
(٤) سورة النساء ٤ / ١٧٢.
(٥) سورة التكوير ٨١ / ١٩ ـ ٢١.
(٦) سورة التكوير ٨١ / ٢٢.