والّذي عليه المحققون منهم : إنما هو جواز إعادتها فى غير محالها مع اتفاقهم على أن ما كان مقدورا للعبد ؛ يجوز أن يعيده الله ـ تعالى ـ مقدورا.
إما بأن يعيد القدرة الأولى عليه ، أو بقدرة أخرى (١).
وأما المعتزلة القائلون بكون المعدوم الممكن ذاتا ، وأن وجوده زائد على ذاته ؛ فإنهم جوزوا إعادة ما عدم وجودا لا ذاتا ، ومنعوا من إعادة المعدوم ذاتا (٢).
وأما الأعراض (٣) : فقد اتفقوا على جواز إعادة ما كان منها على أصولهم باقيا غير متولد (٤) واختلفوا فى جواز إعادة المتولد منها ، واختلفوا أيضا فى جواز إعادة ما لا بقاء له :
كالحركات ، والأصوات ، والإرادات.
فذهب الأكثرون منهم إلى المنع من إعادتها (٥). وجوزه الأقلون كالبلخى (٦) ، وغيره ، واتفقوا على أن الفاعل المختار من المخلوقين وإن كان عندهم قادرا على إنشاء الفعل ، وأن قدرته باقية أنه لا يقدر على إعادة ما عدم من أفعال العبد. اختلفوا فيه ، واختلفوا أيضا فى أن ما كان من مقدورات الرب ـ تعالى ـ مجانسا لمقدور العبد. هل يصح من الله ـ تعالى ـ إعادته بعد عدمه؟.
فذهب الجبائى (٧) : إلى منعه ، وخالفه الباقون منهم فيما كان من أفعاله باقيا.
__________________
(١) لتوضيح الآراء فى إعادة الأعراض راجع ما مر فى الجزء الأول : القول فى خلق الأفعال ل ٢٥٧ / ب وما بعدها.
(٢) راجع رأيهم فى المغنى للقاضى عبد الجبار ١١ / ١٤٥ وما بعدها.
(٣) راجع رأيهم فى المغنى للقاضى عبد الجبار ١١ / ٤٥١ وما بعدها.
(٤) لمزيد من البحث والدراسة عن التولد راجع ما مر فى الجزء الأول ـ الفرع الثامن فى الرد على القائلين بالتولد من ل ٢٧٢ / ب ـ ٢٨١ / ب. ففيه معلومات مهمة ومفيدة.
(٥) لتوضيح رأى المعتزلة انظر المغنى للقاضى عبد الجبار ١١ / ٤٥١ وما بعدها. وقارن بما ورد فى الإرشاد للجوينى ص ٣٧١ ، ٣٧٢.
(٦) راجع ترجمته فى الجزء الأول فى هامش ل ٦٤ / ب من القاعدة الرابعة ـ وانظر ما سيأتى فى القاعدة السابعة ـ فى الجزء الثانى فى ل ٢٤٦ / ب وهامشها.
أما عن رأيه : فانظر المغنى ١١ / ٤٥١ ، ٤٥٢ وقارن بالفرق بين الفرق ص ١٨١.
(٧) راجع ترجمة الجبائى فى الجزء الأول فى هامش ل ١٢ / ب أما مذهبه فانظر عنه ما سيأتى فى القاعدة السابعة ل ٢٤٦ / ب.