وإن سلمنا سلامة ما ذكرتموه عن المعارض فى جواز إعادة الجواهر ؛ غير أنه معارض فى الأعراض بما يدل على امتناع إعادتها ؛ وذلك لأن العرض لو أعيد ؛ فلا بد وأن يكون له تخصيص بزمان إعادته فيه. وذلك يستدعى / / قيام معنى به يوجب تخصصه بزمان ؛ وإلا لما كان اختصاصه بزمان عوده أولى من غيره ، وذلك يجر إلى قيام المعنى بالمعنى ؛ وهو محال كما سبق (١).
وإن سلمنا جواز إعادة الباقى من الأعراض ، غير أنه يمتنع إعادة غير الباقى منها ؛ وذلك لأنه لو جاز وجود العرض الّذي لا بقاء له فى زمنين يفصلهما عدم ؛ لجاز وجوده فى زمنين ، لا يفصلهما عدم ؛ وذلك لأنّ الزمان الّذي يلى زمان الحدوث ، مماثل للزمان الّذي لا يلى زمان الحدوث ، وما ثبت لأحد المثلين ، جاز ثبوته للآخر ، واللازم ممتنع ؛ لما سبق (٢).
وأيضا فإن ما لا يبقى من الأعراض واجبة التخصيص فى علم الله ـ تعالى ـ بأوقات لا يجوز تقدّمها عليها ، ولا تأخّرها عنها على ما عرف من أصلنا ، فلو قيل بجواز إعادتها لبطل هذا التخصيص ، وهو ممتنع.
وإن سلمنا جواز إعادة الأعراض ، ولكن ما كان منها مخلوقا لله ـ تعالى ـ أو للعبد. الأول : مسلم. والثانى : ممنوع ، وذلك لأن ما كان مخلوقا للعبد ، لو أمكن إعادته لكانت بقدرة الرب ، أو بقدرة العبد. فإن كان ذلك بقدرة الرب ـ تعالى ـ فيلزم منه وجود مخلوق بين خالقين ؛ ضرورة اتحاد الموجود ، وأن النشأة الأولى بفعل العبد / والثانية بفعل الرب ـ تعالى ـ وهو محال كما تقدم (٣).
وإن كان ذلك بقدرة العبد ؛ فإما أن يكون ذلك بقدرة أخرى غير القدرة على النشأة الأولى ، أو بعينها.
__________________
/ / أول ل ١٠٩ / ب من النسخة ب.
(١) راجع المواقف للإيجي ص ٣٧٢ وشرحها : الموقف السادس ص ١٧٨ وما بعدها ثم راجع ما مر فى ل ٤٢ / ب وما بعدها من الجزء الثانى.
(٢) راجع ما مر فى الأصل الثانى فى الأعراض وأحكامها ـ الفرع الرابع ل ٤٤ / ب وما بعدها.
(٣) راجع ما مر فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ـ الباب الأول ـ القسم الأول ـ النوع السادس ـ الأصل الثانى ـ الفرع الأول : فى امتناع مخلوق بين خالقين ل ٢١٧ / ب وما بعدها.