فذهب أبو هاشم (١) : إلى المنع من إعادتها بتأليف آخر ؛ مصيرا منه إلى أن جواهر الأشخاص متماثلة ، وإنما يتميز كل واحد عن الآخر بتعينه ، وتأليفه الخاص ، فإذا لم يعد ذلك التأليف الخاص به ؛ فذلك الشخص لا يكون هو العائد ؛ بل غيره ؛ وهو مخالف لما ورد به السمع من حشر الناس على صورهم. ومذهب من عداه من أهل الحق : أن كل واحد من الأمرين جائز عقلا ، ولا دليل على التعيين من سمع ، وغيره.
وما قيل من أن تعيين كل شخص إنما هو بخصوص تأليفه.
لا نسلم ذلك ؛ بل جاز أن يكون بلونه ، أو بعرض أخر مع التأليف.
ومن مذهب أبى هاشم أنه لا يجب إعادة غير التأليف من الأعارض. فما هو جوابه من غير التأليف : فهو جواب لنا فى التأليف.
وإن سلمنا أن خصوص تعيينه تأليفه الخاص به ؛ لكن عين ذلك التأليف ، أو أمثاله. الأول : ممنوع ، والثانى : مسلم ؛ وذلك لأنّا قد بينا أن الأعراض غير باقية (٢) ، والتأليف عرض ؛ فيكون غير باق.
ومع ذلك فإن عين كل شخص فى زمان ، لا يقال إنها غيره فى الزمان المتقدم ، وإن كان التأليف متجددا ، وما ورد به السمع من حشر الناس على هيئاتهم ، ليس فيه ما يدل على إعادة عين ما انقضى من التأليف.
ولا مانع أن تكون الإعادة بمثل ذلك التأليف لا بعينه.
وهل يجوز أن يخلق الله فى الأجسام المعادة جواهر أخر زائدة عليها؟.
فذلك مما أنكره المعتزلة ، وهو مبنى على فاسد أصولهم من وجوب رعاية الحكمة وإيجاب الثواب على / الطاعة ، والعقاب على المعصية ، وامتناع عقاب من لم يعص وثواب من لم يطع ؛ وهو باطل بما أسلفناه فى التعديل والتجويز (٣). والّذي عليه أهل الحق
__________________
(١) راجع ترجمته فى الجزء الأول فى هامش ل ١١ / ب. أما مذهبه : فانظر عنه ما سيأتى ل ٢٤٦ / ب.
(٢) راجع ما سبق فى الأصل الثانى : فى الأعراض وأحكامها. الفصل الرابع : فى تجدد الأعراض ، واستحالة بقائها ل ٤٤ / ب.
(٣) راجع ما سبق فى الجزء الأول ـ القاعدة الرابعة ـ الباب الأول ـ القسم الأول ـ النوع السادس ـ الأصل الأول ـ المسألة الثالثة ل ١٨٦ / أوما بعدها.