الأول : لما فيه من إعادة المعدوم ، والثانى : أن التأليف عرض ، والعرض ممتنع الإعادة ؛ لما سبق (١).
وإن كان المعاد غيره فهو أيضا ممتنع ؛ لما سبق.
الخامس : أنه لو أعيدت أبدان الناس لم يخل : إما أن يقال بأنها تبقى دائمة من غير فناء ، أو أنها تفنى.
فإن كان الأول : فهو ممتنع ؛ لأنها مركبة من أجزاء متقابلة بالحرارة ، والبرودة ، والرطوبة ، واليبوسة ، ولا بد بينها من فعل وانفعال بحيث يحصل منه كيفية مزاجية يتميز بها بدن الإنسان عمن سواه ، وذلك الفعل والانفعال ، بين تلك الأجزاء مما يفضى إلى تنقيص الرطوبة بفعل الحرارة فيها إلى حد الفناء ، وكذلك بالعكس ، والموت من لوازم ذلك لا محالة.
وإن كان الثانى : فلم يقولوا به.
السادس : هو أن إعادة أبدان الحيوانات مما يفضى إلى جواز وجودها من غير توالد ، وهو مخالف للعقل ، والعادة.
السابع : هو أنه لو أعيدت الأجسام : فإما أن يقال بأنها تغتذى ، أو لا تغتذى.
فإن كان الأول : فإما أن يلازم اغتذاها الأعراض الملازمة له فى الدنيا : كالجوع ، والاحتقان ، والاستفراغ ، والمرض ، وغير ذلك ، أو لا يلزمه.
الأول : لم يقولوا به ، والثانى : غير معقول.
وإن قيل إنها غير مغتذية : فلم يقولوا به ، ثم إن بقائها مع عدم اغتذائها بها أيضا غير معقول (٢).
الثامن : أن إعادة الأجسام عند القائل بها : إما إلى جنة ، أو نار. والجنة عنده فوق السموات ، والنار تحت الأرض ، والأرض تحت كل شيء ، ولا تحت لها ، والسماء فوق كل شيء ولا فوق لها ، كما هو مبين فى الحكميات.
__________________
(١) راجع ما سبق ل ٤٤ / ب وما بعدها.
(٢) راجع تهافت الفلاسفة للإمام الغزالى ص ٢٩٧ وما بعدها.