وأما أنه لا يجوز أن يكون انعدامها لوجود مضاد يعدمها ؛ لأن ذلك لا يتصور إلا مع قيام الضدين بموضوع واحد [فى محل واحد] (١) مع استحالة الجمع بينهما فيه ، وإلا فلا تمانع ، ولا مزاحمة. وليس وجود النفس فى البدن على نحو وجود الشيء فى محله ، أو فى موضوعه ؛ إذ لا موضوع لها ؛ لكونها جوهرا ، ولا هى حالة فى محل كما سبق ؛ بل إنما وجودها فيه على سبيل التعلق به بالتصرف فى أحواله كما سبق.
الحجة الثانية : أنه لو لزم فوات النفس من فوات بدنها ؛ لكانت متعلقة به تعلق المتقدم ، أو المتأخر ، أو المكافئ ، وإلا لما كان هذا اللزوم.
لا جائز أن يقال بالأول : وإلا فالنفس متقدمة على البدن ، تقدما بالذات ؛ ضرورة أن غير هذا النوع من التقدم ، لا يوجب الفوات من الفوات. ولو كان كذلك ؛ لكان فوات البدن لازما عن فوات النفس ، لا أن فوات النفس ، لازم عن فوات البدن ؛ إذا العلة لا تبطل لبطلان معلولها ، وإنما المعلول هو الّذي يبطل ببطلان علته.
ولا جائز أن يقال بالثانى : وإلا فالبدن للنفس إما علة فاعلية ، أو مادية ، أو صورية ، أو غائية ؛ ضرورة أن ما يفوت بفوات ما هو متقدم عليه ، لا يخرج عن هذه الأقسام.
وليس هو فاعلية : وإلا كان الأشرف مستفادا / من الأخس.
وليس علة مادية لها ؛ لما سبق من أن النفس غير قائمة بمحل. وليست علة صورية ولا غائية ، إذ الأولى أن يكون فيها بالعكس ، ولا جائز أن يقال بالثالث ؛ وهو تعلق التكافؤ ؛ وإلا فهما حقيقتان ، أو غير حقيقتين ، لا جائز أن يقال بالأول : وإلا كانت النفس والبدن عرضا لا جوهرا.
وإن قيل بالثانى : فغاية ما يلزم من فوات أحدهما فوات العارض للذات لا نفس الذات المعروضة.
الحجة الثالثة : لو كانت النفس قابلة للفساد ؛ لكان فيها قوة قابلة للفساد ، وكل ما له قوة أن يفسد ، فقبل الفساد ، له قوة أن يبقى بالفعل ، وليس بقاؤه بالفعل هو نفس قوة أن يبقى بالفعل.
__________________
(١) ساقط من أ.