وإلا كان / فى تأليف النفس الإنسانية جميع أمزجة هذه الأنواع ، وهو محال ، ويلزم منه أيضا أن يكون كل جسم من الأجسام المدركة ، مدركا لما هو من نوعه غير مدركة لما هو مخالف له فى نوعه ، وأن لا تكون قوة واحدة تدرك الأضداد ؛ بل كان يجب أن البصر إذا أدرك البياض / / مثلا أن يدركه بجزء من البصر أبيضا ، وكذلك فى السواد ونحوه تحقيقا للمشابهة ، وكان يجب أن يكون البصر مستعدا بأجزاء غير متناهية الألوان ، والأشكال ؛ لإدراك الألوان ، والأشكال المختلفة ؛ وهو محال.
والقول بأن النفس هى الأخلاط الأربعة ، مع التناسب المخصوص فيما بينها على ما ذكر ، فليس هو أيضا أولى من غيره من الأقوال.
وما قيل بأنه لا بقاء للنفس مع اختلال هذه الأمور فقد سبق إبطاله (١).
والقول بأن النفس هى الدم (٢) ممنوع.
قولهم : إن الدم أشرف أخلاط البدن.
لا يدل على أنه النفس ؛ بل جاز أن تكون النفس غير الدم ، وأشرف من الدم.
قولهم : إن النفس تبطل عند سفح الدم.
قلنا : وكذلك عند زوال غيره من الأخلاط ، وليست أنفسا عند هذا القائل.
والقول بأن النفس عنصر من العناصر ، ممنوع (٣).
وما قيل من أن المدرك للشيء ، يجب أن يكون من عنصر ، والنفس مدركة للعناصر ؛ فيلزم أن لا تكون النفس إذا كانت عنصرا أن تدرك ما ليس بعنصرى ـ كإدراكنا أنه. لا واسطة بين النفى ، والإثبات ، أو أن الأشياء المساوية لشيء واحد متساوية ؛ وهو محال ، ثم إنه ليس القول بأنها بعض العناصر المعينة أولى من غيره ، والقول بأنها عنصر النار ، غير مسلم (٤).
__________________
/ / أول ل ١١٣ ب
(١) راجع ما مر ل ٢٠٨ / أ.
(٢) راجع ما مر ل ٢٠٢ / أ.
(٣) راجع ما مر ل ٢٠٢ / أ.
(٤) راجع ما مر ل ٢٠٢ / أ.