قولهم : لو كانت داركة بآلة جرمانيّة ؛ لأمكن أن يكون البعض من تلك الآلة مدركا لشيء ، والبعض الآخر غير مدرك له (١) ، فيكون الشخص الواحد عالما بشيء ، وجاهلا به عنه جوابان :
الأول : أن مثل هذا على أصولنا غير ممتنع.
الثانى : أن ما ألزموه فى التعقل لازم عليهم فى القوى الجسمانية : كالشهوة والغضب ، وكل ما هو جواب لهم فيها ؛ فهو جواب لنا فى محل النزاع.
قولهم : لو كانت مدركة بآلة جرمانيّة ؛ لما كانت مدركة للمتضادات (٢).
عنه جوابان :
الأول : أن ما ذكروه مبنى على أنّ التّعقل إنّما يكون بالحلول ، والانطباع ، وهو ممتنع ؛ لما سبق.
الثانى : أنّ ما ذكروه لازم عليهم عند كون النفس ليست جسما ، وما ذكروه فى الجواب عنه ؛ فهو الجواب فيما نحن فيه.
قولهم : إن قوى النفس الإنسانية غير متناهية ، ولو كانت مدركة بآلة جرمانيّة ؛ لكانت متناهية (٣).
فمندفع ؛ إذ لا معنى لكون قوة النفس الإنسانيّة غير متناهية غير صلاحيتها لإدراك ما لا يتناهى من الصّور المعقولة صورة بعد صورة ومعقول بعد معقول ، ومثل ذلك متحقق فى القوة الخالية (٤) والقوى الحساسة الجسمانية ، وما لزم من ذلك فى القوى الخيالية (٤) والحواس الظاهرة أن لا تكون مدركة / بآلة جرمانيّة ، فكذلك فى النفس.
قولهم : إن الأجسام وقواها فاعلة منفعلة ، والنفس فاعلة غير منفعلة كما قرروه (٥) غير صحيح ؛ إذ أمكن أن يقال إن القوى الجسمانية فاعلة بإدراكها غير منفعلة فى نفسها ؛ بل المنفعل : إنما هو هيولاها ، وكذلك فى القوى النفسية.
__________________
(١) الرد على الشبهة الثامنة [الحجة الثامنة للفلاسفة الواردة فى ل ٢٠٣ / أ]
(٢) الرد على الشبهة التاسعة [الحجة التاسعة للفلاسفة الواردة فى ل ٢٠٣ / أ].
(٣) الرد على الشبهة العاشرة للفلاسفة [الحجة العاشرة الواردة فى ل ٢٠٣ / أ].
(٤) من أول : (والقوى الحساسة الجسمانية وما لزم من ذلك فى القوى الخيالية) ساقط من ب.
(٥) راجع الحجة الحادية عشرة ل ٢٠٣ / ب [الرد على الشبهة الحادية عشر].