قلنا : ما المانع أن يكون لازما لها لأمر خارج؟
قولهم : لأن ذلك إنما يكون بسبب المادة ، ولا مادة قبل وجود الأبدان إنما يصح ذلك ؛ إذا لم يكن الموجب لتخصيص كل نفس بعارضها فاعلا مختارا.
وما المانع منه على ما سبق تحقيقه (١)؟
وإن سلمنا أن ذلك لا يكون إلا سبب المادة ولكن ما المانع من ذلك؟
قولهم : لأنه لا مادة قبل وجود الأبدان [إنما يصح أن لو تصور خلو النفس عن البدن] (٢) ، وما المانع على أصولهم أن تكون النفس قديمة ، والأبدان لم تزل تتناسخها من الأزل / إلى الأبد ، وما يذكرونه فى إبطال التناسخ على أصولهم فسيأتى إبطاله (٣).
/ / وإن سلمنا امتناع التناسخ ، وأن الأبدان حادثة لها أول ؛ ولكن يلزم على ما ذكروه امتناع التعدد فى أشخاص العنصر الواحد ؛ وهو محال مخالف للحسّ ، والعيان.
وبيان اللزوم أن يقال : لو تعددت أشخاص العنصر الواحد ؛ فلا بد من تمايزها.
وما به التمايز : إما أن يكون لازما لذات العنصر ، أو لعارض خارج ، الأول محال ؛ لما ذكروه (٤).
والثانى يلزم منه أن يكون ذلك بسبب المادة ، والمادة إما مادة العنصر أو غيرها ، الأول محال ؛ ضرورة اتحاد نوعها ، والثانى يلزم منه أن تكون المادة مادة ؛ وهو تسلسل محال.
وأما الحجة الثانية (٥) : فمبنية على القول بأن الطبيعة لها فعل ، وهو ممتنع على ما سبق (٦) ، وبتقدير التسليم لذلك جدلا ، فلا نسلم أنه لا شيء من فعل الطبيعة معطلا.
وإن سلمنا أنه لا شيء من فعل الطبيعة معطلا ؛ ولكن دائما ، أو فى بعض الأوقات ، الأول ممنوع ، والثانى مسلم.
__________________
(١) راجع ما مر ل ٢١٨ / أوما بعدها.
(٢) ساقط من (أ).
(٣) انظر ما سيأتى ل ٢١٤ / ب.
/ / أول ل ١١٩ / أ.
(٤) راجع ما مر ل ٢٠٤ / ب وما بعدها.
(٥) الرد على الشبهة الثانية لأرسطو ومتابعيه. (راجع ل ٢٠٤ / ب الحجة الثانية).
(٦) راجع ما مر فى الجزء الأول ل ٢٢٠ / ب وما بعدها فى الرد على الطبيعيين.