فهو مبنى على أن النفس جوهر بسيط عقلى ، كما هو مذهبهم ؛ وهو غير مسلم كما سبق إبطاله (١).
وعند ذلك فإما أن يكون جسما ، أو جوهرا فردا ، أو عرضا.
فإن كان الأول : فلا نسلم التفاوت بين الأجسام فى الشرف ، والخسة ؛ إذ هى متجانسة على ما عرف من أصلنا ، وإن كانت جوهرا فردا فالبدن أيضا [مؤلف] (٢) من جواهر فردة ، وإنما يلزم التفاوت فى البدن أن لو لم تكن الجواهر متجانسة ؛ وهو غير مسلم.
وإن سلمنا امتناع كونه فاعلا لها ؛ فما المانع أن يكون قابلا؟ [وما ذكروه فى إبطاله فقد عرف ما فيه.
وإن سلمنا امتناع التقدم والتأخر فما المانع من التكافؤ] (٣).
وما ذكروه فى تقرير امتناعه ، فإنما يلزم أن لو كان كل متكافئين متضايفين بحيث يتوقف تعقل كل منهما على تعقل الآخر ، وليس كذلك ، بل التكافؤ أعم من ذلك ، وذلك بأن يكون كل واحد من الأمرين بحيث يلزم من وجوده ، وجود الآخر ومن عدمه عدمه ، فى نفس الأمر لا فى التعقل.
وأما الحجة الثالثة : القائلة بأن النفس لو كانت قابلة للفساد ؛ لكان فيها قوة قابلة للفساد ؛ فأظهر فى الفساد (٤).
وذلك أنهم [إن] (٥) أرادوا بقوة قبول البقاء ، وقوة قبول الفساد ، إمكان بقائها وفسادها ؛ فمسلم. وقد بينا أن الإمكان صفة عدمية لا وجودية. وعلى هذا ؛ فلا يلزم التركيب فى النفس كما ذكروه.
وإن أرادوا بالقوة غير ذلك ؛ فهو غير مسلم ، ولا دليل عليه.
وإن سلمنا أن قوة قبول البقاء والفساد ، أمر وراء الإمكان ، فإنما يلزم التركيب فى النفس أن لو كانت هذه القوى داخلة فى حقيقة النفس ، وهو غير مسلم.
وما المانع أن تكون من الصفات العرضية للنفس مع بساطتها ، والنفس قابلة لها؟
__________________
(١) راجع ما مر ل ٢١٠ / أ.
(٢) ساقط من أ.
(٣) ساقط من أ.
(٤) قارن بما ذكره فى غاية المرام ص ٢٧٥.
(٥) ساقط من (أ).