وأما الحجة الثانية القائلة بأنه لو لزم فوات النفس من فوات بدنها ؛ لكانت متعلقة به تعلق المتقدم ، أو المتأخر ، أو المكان ؛ فباطلة أيضا (١).
فإنه ما المانع أن يكون انعدامها عند انعدام البدن ، ومفارقتها له بإعدام فاعل مختار لهما ؛ لا لما بينهما من التعلق؟
وإن سلمنا الحصر فيما ذكر من الأقسام ؛ فما المانع أن تكون النفس متقدمة؟
قولهم : لأنه يلزم أن تكون متقدمة بالذات.
لا نسلم ؛ وما المانع من تقدمها عليه بغير هذه الجهة؟
قولهم : لأن غير هذا النوع من التقدم ، لا يوجب الفوات من الفوات ، لا نسلم ، فإن التقدم بالطبع غير التقدم بالذات كما سبق تحقيقه (٢) كما فى تقدم الواحد على الاثنين ، ومع ذلك فإنه يلزم من فوات الواحد ، فوات الاثنين.
قولهم : لو كان كذلك للزم فوات البدن من فوات النفس ، لا فوات النفس من فوات البدن ؛ إذ المعلول لا يوجب فواته فوات علته.
[قلنا : المعلول] (٣) من حيث هو معلول ، وإن لم يوجب فواته فوات علته ، فلم قلتم إنه لا يوجب فوات علته من جهة أخرى؟ ولا سبيل إلى نفى ذلك.
وإن سلمنا امتناع كونها متقدمة على البدن ، فما المانع من تقدم / / البدن عليها؟
قولهم : يلزم من ذلك أن يكون البدن علة للنفس. ممنوع.
وما المانع من تقديمه عليها بالذات ؛ لكونه شرطا فى وجودها لا علة؟
وإن سلمنا أنه لا بد وأن يكون علة لها ، فما المانع من ذلك؟
قولهم : إما أن تكون علة فاعلية ، أو مادية ، أو صورية ، أو غائية ؛ مسلم ؛ ولكن ما المانع أن تكون علة فاعلية؟
قولهم : يلزم / منه استفادة الأشرف من الأخس.
__________________
(١) قارن بما ذكره فى غاية المرام ص ٢٧٥.
(٢) راجع ما مر فى الأصل الثالث ـ الفصل الثامن : فى معنى المتقدم والمتأخر ومعا ل ٨١ / أوما بعدها.
(٣) ساقط من (أ).
/ / أول ل ١٢٠ / ب.