ذلك أيضا : ما يدل على انتقاء موتة أخرى بعد المسألة ؛ إذ لم ينقطع بها نعيمهم ويجب الحمل على ما ذكرناه جمعا بينه ، وبين ما ذكرناه من الأدلة.
وأما الآية الثالثة : فالمراد من قوله ـ تعالى ـ : (وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ) الحياة الأولى : وقوله (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) الموتة الأولى وقوله (ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) إحياء المساءلة ، وأما إحياء النشر ، والموت قبله ؛ فهو مستفاد من قوله ـ تعالى ـ : (ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (١).
فالآية دالة على ما منعوه من الزيادة ، لا أنها نافية له.
وإن سلمنا دلالة الآية على الإحياء الأول والموت منه ، والإحياء للنشر ؛ فليس فيه ما يدل على نفى الزيادة على ذلك إلا بطريق المفهوم ، وليس بحجة ، وبتقدير أن يكون حجة غير أن العمل بما ذكرناه أولى ؛ لأنه منطوق.
وأما قوله ـ تعالى ـ : (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى) (٢) تشبيه للكفار بالموتى ، ونحن لا ننكر أن الميت لا يسمع ، وليس فى ذلك ما يدل على أن الميت لا يحيى فى قبره ولا يسمع بتقدير إحيائه.
وقوله تعالى (وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ) (٣) معناه : بتقدير أن يكونوا موتى ، ونحن نقول به. وإلا فبتقدير أن يكونوا أحياء ؛ فلا امتناع فى إسماعهم إجماعا.
__________________
(١) سورة البقرة ٢ / ٢٨.
(٢) سورة النمل ٢٧ / ٨٠.
(٣) سورة فاطر ٣٥ / ٢٢.