قولهم : إنّ الله تعالى ـ قد خلق فى العبد شهوات المعاصى ، فلو لم يعلم العبد استحقاقه للعقاب بالمعصية ؛ لكان ذلك إغراء للعبد بالمعصية.
ليس كذلك ؛ بل لو قيل : إنّ خلق الشّهوة مع المنع باستحقاق العقاب يكون إغراء. كان أولى ، على ما قيل المرء حريص على ما منع.
وإن سلّمنا أنّ المنع ليس بإغراء ، لكن إن اعتبر فى المنع من الإغراء بالمعصية منع المكلف بأبلغ الطرق فكان من الواجب أن لا يقدر العبد على المعصية ؛ إذ هو أبلغ من التمكين مع استحقاق العقاب بالفعل ، وإلّا كان ذلك إغراء بالمعصية ، وإن لم يعتبر فى ذلك أبلغ الطرق فقد أمكن دفع الإغراء بعلم العبد ؛ بجواز عقابه ، وإسقاط ثوابه من غير إيجاب.
كيف وأنه يلزم على ما ذكروه أن يكون الرب ـ تعالى ـ مغريا بالمعصية للعبد حالة جهل العبد بالله ـ تعالى ـ وباستحقاقه للعقاب بمعصية حيث لم يخلق الله ـ تعالى له العلم الضرورى بذلك ، ولم يقل به قائل (١).
__________________
(١) لمزيد من البحث والدراسة فى قضية الثواب والعقاب.
انظر شرح الأصول الخمسة للقاضى عبد الجبار ص ٧٠٠ وشرح المواقف الموقف الخامس ص ٣٢٣ وما بعدها ، والموقف السادس ص ١٩٩ وما بعدها ، وشرح المقاصد للتفتازانى ٢ / ١٦٥ وما بعدها.