الثالث : أنه لو استوجب العبد بطاعته الواجبة عليه الثواب على الله ـ تعالى (١) بمقتضى العقل ؛ لاستوجب الرب ـ تعالى ـ بمقتضى العقل شكرا آخر بإثابته للعبد وإن كانت الإثابة واجبة ، بل أولى ؛ لأنّ الرب ـ تعالى ـ أولى بالاستحقاق ؛ لابتدائه بالنعم ؛ وذلك يجرّ إلى التّسلسل الممتنع.
الرابع : أنه لو وجب الثّواب على الله ـ تعالى ـ لما وجد عنه محيدا ؛ وذلك يوجب كون الرب ـ تعالى ـ مضطرا فى فعله غير مختار ؛ وهو محال.
قولهم : إيجاب الطاعة لا بدّ وأن يكون لفائدة ، فمبنى على وجوب رعاية الحكمة فى أفعال الله تعالى وقد أبطلناه (٢).
ثم وإن سلّمنا وجوب رعاية الحكمة جدلا ، فما المانع أن يكون ذلك لحكمة غير الثواب.
قولهم : إما أن يعود إلى العبد فى الدنيا ، أو فى الآخرة ، ما المانع من كونها دنيوية؟
قولهم : لا فائدة له فيها دنيويا.
دعوى من غير دليل ، وعدم الوجدان لذلك مع البحث ، والسبر غير يقينى (٣) ، لما علم.
وأما استحقاق العقاب ، وايجابه على الله ـ تعالى فهو أيضا / ممتنع ؛ لأنّه إمّا أن يكون ذلك لفائدة ، أو لا لفائدة.
لا جائز أن يكون لا لفائدة ؛ إذ هو عندهم قبيح.
وإن كان لفائدة ، فإما أن تعود إلى الرّبّ ـ تعالى ، أو العبد.
الأول محال ؛ لما سبق (٤).
وإن عادت إلى العبد ؛ فلا يخفى أنه لا فائدة للعبد فى تحتم عقابه ، ولزوم عذابه على ما أسلفناه فى التعديل والتّجوير (٥).
__________________
(١) الى هنا انتهى المحذوف من النسخة ب (وبمعنى طريق الجنة / / بمقتضى العقل).
(٢) راجع ما سبق ل ١٨٦ / أ.
(٣) راجع ما سبق ل ٢٩ / ب.
(٤) راجع ما سبق ل ١٨٦ / ب.
(٥) انظر ما سبق ل ١٧٤ / ب وما بعدها.