الأول مسلم ، والثانى ممنوع ؛ وذلك لأنه يستحيل أن يكون العاصى معاقبا مع فرض العفو ، وعند ذلك فيتوقف العموم لمحل النزاع على عدم العفو ، وعدم العفو متوقف / على العموم ؛ وهو دور ممتنع.
سلمنا العموم فى الأشخاص ؛ ولكن لا نسلم أنه يلزم من العموم فى الأشخاص العموم فى الأحوال ، وعلى هذا : فلا يلزم من العموم فى كل من عمل سيئة العموم فى كل سيئة.
ولهذا : فإنه لو قال القائل لزوجاته : من دخلت منكن الدار ؛ فهى طالق ، فإنه وإن عم جميع الزوجات ؛ فلا يعم كل دخول ، ولهذا فإن كل واحدة تطلق بالدخول أول مرة ، ولا يتكرر الطلاق بتكرار الدخول. وإذا كان لفظ السيئة ، والخطيئة غير عام ؛ فلا يكون متناولا لكل سيئة وخطيئة ، حتى يندرج فيه محل النزاع ، وغايته أن يكون مطلقا ، والمطلق إذا عمل به فى صورة فقط ؛ بطل وجه الاحتجاج به ، وقد عمل به فى الكفر ؛ فلا يبقى حجة.
سلمنا العموم فى كل سيئة وخطيئة ؛ ولكن لا نسلم أن الخلود عبارة عن اللبث الدائم ، الّذي لا آخر له ، حتى يصح ما ذكروه ؛ بل الخلود عبارة عن طول اللبث فى اللغة ، ومنه يقال : قد خلد فلان ، إذا طال عمره ، ويقال خلد الله ملك الأمير : أى أطاله ، ومنه يقال فى الوقف وقفا مؤبدا / / مخلدا.
وعلى هذا : فنحن نقول بموجب الآية ، وهو أن أهل الكبائر مخلدون فى العذاب بهذا المعنى ، ولا نزاع فيه.
فلئن قالوا : الخلود حقيقة فى الدوام ؛ ومجازا فى غير المؤبد ، ودليله من ثلاثة أوجه :
الأول : أنه حقيقة فى الدّوام المؤبد بالإجماع ؛ فلو كان حقيقة فى غير المؤبد ؛ لكان اللفظ مشتركا ، والاشتراك على خلاف الأصل ؛ لأنّه يخلّ بالتفاهم الّذي هو مقصود أهل الوضع فى وضعهم ، والمجاز وإن كان أيضا على خلاف الأصل ، إلا أن محذور
__________________
/ / أول ل ١٣٢ / أمن النسخة ب.