حيث دلّ على وحدانيّته ، وعظم صمديّته ، وأنّ ذلك كلّه ليس إلا بمشيئته ، وإرادته ، وأنه مقدور بقدرته ، وأنّه لو كان ذلك بالماء والتّراب والفاعل له الطبيعة ؛ لما وقع الاختلاف.
ومما كثرت معانيه وقلّ لفظه قوله ـ تعالى ـ : ـ
(خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) (١)
فإنّه مع قلّة ألفاظه ؛ قد دلّ على العفو عن المذنبين ، وصلة القاطعين ، وإعطاء المانعين ، وتقوى الله ، وصلة الأرحام وحبس اللّسان ، وغض الطّرف.
ومن هذا القبيل قوله ـ تعالى ـ : ـ
(فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا) (٢)
فاشتمل مع عذوبة ألفاظه ، وقلّتها على ما آلت إليه قصص الأولين ، وسير الماضين.
ومع ذلك قوله ـ تعالى ـ : ـ
(وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ) إلى قوله ـ تعالى : ـ (وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (٣)
فإنّه مع جزالة ألفاظه ، وبهجتها. وزيادة رونقها ؛ قد دلّ على هلاك العالم ومفتتح حلول العذاب ، ومختتمة. وما كان من المهلكين في حالهم.
وما كان من المنجين المؤمنين فى انجلاء الأمر عنهم إلى غير ذلك.
ومن ذلك قوله ـ تعالى ـ : ـ
(كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ...) الآية (٤)
__________________
(١) سورة الأعراف ٧ / ١٩٩.
(٢) سورة العنكبوت ٢٩ / ٤٠.
(٣) سورة هود ١١ / ٤٢ ـ ٤٤.
(٤) سورة آل عمران ٣ / ١٨٥.