فإنه لا يكون موجبا للعلم ، إنه إذا ضم ما يحتمل الكذب إلى ما لا يحتمل الكذب يمتنع عليه الكذب (١).
سلمنا أن حكم الجملة ، مخالف لحكم الآحاد ، ولكن حصول العلم بخبر أهل التواتر إنما يتصور بعد تمام الخبر ، وعند تمام الخبر إما أن يكون المفيد للعلم هو جملة الحروف التى عنها يكون الخبر ، أو آحادها.
الأول : محال إذ المفيد للشيء يجب أن يكون موجودا حالة وجود معلوله ، وجملة الحروف غير متصورة الاجتماع فى الوجود ، على ما لا يخفى.
والثانى : أيضا معلوم بطلانه بالضرورة.
فإن قيل : ما المانع أن يكون المؤثر هو الحرف الأخير مشروطا بتقدم باقى الحروف.
قلنا : شرط تأثير الحرف الأخير فى تحصيل العلم : إما أن يكون هو عدم باقى الحروف مطلقا ، أو عدمها بعدم وجودها.
فان كان الأول : لزم حصول العلم عند وجود ذلك الحرف ، وإن لم توجد تلك الحروف أصلا لأنها معدومة ؛ وهو محال.
وإن كان الثانى : فوجود باقى الحروف داخل فى الشرط ، والشرط لا بد وأن يكون مع المشروط ، ولا وجود لباقى الحروف مع وجود الحرف الأخير ، فلا يكون وجودها شرطا.
سلمنا عدم اشتراط مقارنة الشرط للمشروط ، غير أن إفادة الخبر للعلم صفة حقيقيّة ، والخبر غير مفيد للعلم لذاته ، وإلا لكان مفيدا له مع قطع النظر عن التواضع على جعله خبرا ، ودليلا ، وهو محال ؛ بل إن أفاد ، فإنما يفيد بالوضع ، والوضع // ؛ فلا يفيد الأمور الحقيقية.
سلمنا إمكان حصول العلم بخبر التواتر ، ولكن متى ، إذا أمكن وقوع الغلط فيما أخبر عنه ، أو إذا لم يكن.
الأول : ممنوع فإنه يستحيل القطع فى موضع إمكان الغلط.
__________________
(١) وقد رد الإمام الآمدي على هذه الشبهة ل ١٥٨ / ب. بأن التواتر عبارة عن خبر جماعة مفيد لليقين بمخبره.
/ / أول ل ٨٢ / ب.