والثانى : مسلم ؛ ولكن لا نسلم امتناع العلم فيما أخبر عنه.
وبيانه أن شرط التواتر عند القائلين به / أن يكون المخبر عنه محسوسا ، والغلط غير ممتنع فى المحسوسات. ودليله العقل ، والنقل.
أما العقل : فمن وجهين : الأول : ما سبق فى العلوم.
الثانى : أنه من الممكن أن يكون ما اخبر عنه ليس هو هو ؛ بل هو مشبه بغيره. والتشبيه ممكن فى نفسه ، ولا سيما فى زمان خرق العوائد على أصلكم.
وأما النقل : فقوله تعالى : ـ (وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) (١)
سلمنا امتناع الغلط فى المحسوس ، ولكن متى يفيد خبر التواتر العلم إذا كان المخبرون قد حملوا على ذلك بالسيف ، أو إذا لم يكن؟
الأول : ممنوع. فإن الخبر مع الحمل بالسيف عليه ، لا يكون مفيدا للظن ؛ فضلا عن العلم.
والثانى : مسلم ، غير أن ما مثل هذا الشرط غير معلوم التحقيق ؛ فلا يكون الخبر مفيدا للعلم (٢).
سلمنا امتناع حملهم عليه بالسيف ، ولكن متى يفيد العلم : إذا كان عدد المخبرين لا يحويهم بلد ، ولا يحصرهم عدد ، أو إذا لم يكن كذلك.
الأول : مسلم ؛ لاستحالة تواطئ مثلهم ، على الكذب عادة.
والثانى : ممنوع ؛ لأنّ كل عدد محصور ؛ فالتواطؤ منهم على الكذب غير ممتنع ، وما مثل هذا الشرط ، فغير معلوم فى كل ما يدعى كونه متواتر ؛ فلا يكون مفيدا للعلم (٣).
سلمنا أنه لا يشترط ذلك ؛ ولكن متى يفيد العلم إذا اختلفت أسبابهم ، وأوطانهم ، وأديانهم. أو إذا لم يكن.
__________________
(١) سورة النساء : ٤ / ١٥٧.
(٢) وقد رد عليهم الآمدي ل ١٥٩ / ب بأن «هذا الاحتمال وإن كان ممكنا عقلا ؛ فهو غير قادح مع وجود ما نعلمه من العلم الضرورى بأخبار التواتر».
(٣) وقد رد الآمدي على هذه الشبهة ل ١٥٩ / ب «بأن أهل بلد من البلاد لو أخبروا عن واقعة وقعت بهم ، ونائبة حلت فيهم. فإن العلم الضرورى يحصل لنا يذلك وإن حواهم بلد ، وكان عددهم محصورا».