فلئن قلتم : لو اختل من التواتر الدّال على وجود محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ على دعواه الرسالة ، شرط من الشرائط المانعة من التواطؤ على الكذب فى بعض الأعصار ؛ لاستحال مع كثرة الخصوم وشدة دواعيهم إلى إبطال رسالته ، أن لا يشيع ذلك ، وأن لا يتواتر مع كونه من الأمور العظيمة ، والقضايا الجسمية.
فنقول : وإن كان ذلك من الأمور العظيمة ؛ فلا يلزم أن يكون متواترا ، فإن كون التسمية آية من كل سورة ، وكون إقامة الصلاة شيء من الأمور العظيمة ولم يتواتر به الخبر.
وأيضا : فإن كثيرا من معجزات النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عظيمة ؛ وهى غير متواترة.
[سلمنا (١)] لزوم تواتر ذلك ؛ لكن إذا وجد المانع منه ، أو إذا لم يوجد ، الأول : ممنوع. والثانى : مسلم ؛ فلم قلتم بعدم وجود المانع؟
وإن سلمنا عدم المانع ؛ ولكن ما ذكرتموه ينتقض بأخبار النصارى عن صلب المسيح ، وأخبارهم عنه بالتثليث // ، وبأخبار اليهود عن موسى بتكذيب كل ناسخ لشريعته ، وبأخبار الشيعة عن النص على إمامة على مع كثرة الناقلين لذلك فى زمننا هذا كثرة لا يتصور معها التواطؤ على الكذب. ومع ذلك فإنكم لم تقبلوا أخبارهم ، وقلتم إنّ أخبارهم لا تفيد العلم وذلك لا يخلو :
إما أن يكون لاختلال شرط فيها ، أو أنه لم يختل فيها شرط.
فإن كان الأول : فما المانع أن يكون ما تدعونه من التواتر كذلك.
وإن كان الثانى : فقد بطل القول بإفادة التواتر للعلم (٢).
__________________
(١) ساقط من (أ).
/ / أول ل ٨٣ / أ.
(٢) وقد رد الإمام الآمدي على هذه الشبهة أيضا : (ل ١٥٩ / ب ، ل ١٦٠ / أ) «إذا ضبطنا الخبر المتواتر بما يحصل منه العلم. فمهما حصل العلم بالخبر علمنا ضرورة تحقق التواتر وجميع شروطه .... وعلى هذا : فالعلم بوجود رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وادّعائه للرسالة ، حاصل بالضرورة على ما حققناه من أخبار الجمع الكثير ، فكان متواترا ، ولزم القول بوجود جميع شروطه.
وعلى هذا : يخرج الجواب أيضا عما أورده من أخبار اليهود ، والنصارى ، والشيعة».