قال الإمام المتوكل على الله أحمد بن سليمان عليهالسلام فأما سائر أهل البيت عليهمالسلام ومن يعتزى إلى أمير المؤمنين عليهالسلام نسبا ومذهبا فإنه مخالف لهؤلاء المطرفية الطبعية الذين لبسوا أقوالهم على الناس ، وأوهموهم أنهم من جملة الإسلام ، بل أوهموا الخلق أنهم متبعون لأهل البيت عليهمالسلام ، واعتزلوا إلى شعاب سموها هجرا ، وحكموا فيها بغير ما أنزل الله ؛ فأولئك هم الكافرون ، وظنوا أنهم تميزوا بها عن بلاد العوام ، ولم يشعروا أنهم أخرجوها من جملة الإسلام ؛ فإن الصحيح من مذاهب أهل البيت عليهمالسلام أن دار الكفر وهي دار الحرب التي يحكم على ساكنها بحكم الكفار من حرمة المناكحة ، والذبيحة ، وتنجيس الرطوبة ، وقطع موارثة المسلمين ، والمنع من الدفن في مقابر الإسلام ، وإباحة دماء أهلها ، والغزو لها ، وحل اغتنام أموالها ، وحرمة السكنى فيها ، وغير ذلك من أحكام دار الحرب.
فأقول : إنما أراد السبي ولم يصرح بلفظه وإلا فما بقي من حكم دار الحرب لم يصرح به سواه ، بل لو قال : هي دار حرب فاقتصر ، لدخل جميع أحكامها تحت هذه اللفظة ، وإنما الأئمة لا يقولون ولا يفعلون إلا ما قدروا على إظهاره ، وتمكنوا منه ؛ لأنه تكليف والتكليف لا يقع إلا بالممكن فلنرجع إلى الرسالة.
قال عليهالسلام : ودار الحرب هي القرية أو الناحية التي يتمسك فيها أهلها بخصلة من خصال الكفر ، ولا يمكنون أحدا من السكنى فيها إلا بأن يظهر التمسك بما يدينون به من ذلك ، وأن يكون ممن يظهر شيئا من ذلك على ذمة أو جوار ، فمتى كانت الناحية أو القرية بهذا الوصف كانت دار حرب. هذا هو الصحيح والمقرر من مذاهب العترة الطاهرة.
قال عليهالسلام : وإنما قلنا ذلك لما علم من حال مكة فإنها كانت من قبل الفتح