عليها الاتفاق ممن يصح اتفاقه من أهل المعرفة أن الرواية من الكتاب المشهور تصح كما تصح من الشيخ.
وأصل ذلك ما أجمع عليه الصحابة من قبول الرواية من كتاب عمرو بن حزمرحمهالله تعالى ولم يروه لهم أحد ، فكان ذلك أصلا لنظائره ، ولأنا يحصل لنا برواية الواحد غالب الظن أن هذا من فلان وأن هذا قاله فلان ، وقد علمنا ضرورة بخبر الخلق الأكثر أن هذا الكتاب مثلا الذي هو كتاب (الأحكام) تصنيف الهادي عليهالسلام بحيث لو أن إنسانا انتحله أو أظهر التشكك وقال : أما كتاب (الأحكام) فلم يصنفه الهادي عليهالسلام لتشكك أهل العقول في كمال عقله ، وكذلك لو أن إنسانا ممن يتعلق بالعلم قال : ولم يحارب أبو بكر أهل الردة ولا سباهم لأجل الردة ، أو قال : كانت ردتهم بعبادة الأوثان لعلم أهل العلم جهله أو اختلال عقله إن كان من أهل العلم ؛ فحرب أهل الردة معلوم جملته ، وتفصيله ضرورة كما يعلم صفين والجمل فهذا وجه. والوجه الثاني : أن أخبار الردة مسموعات لنا مستوفاة ذكرها (محمد بن جرير) (١) في كتابه مفصلة وهو لنا سماع وعليه بنينا ما في (الهداية) ، وذكرها القضاعي (٢) جملة ، وهو لنا سماع أيضا ، فقد ثبت ما رويناه واعتمدنا على
__________________
(١) محمد بن جرير الطبري : وهو محمد بن جرير بن يزيد الطبري ، أبو جعفر [٢٢٤ ـ ٣١٠ ه] ، مؤرّخ ، مفسّر ، عالم ، ولد في آمل طبرستان ، واستوطن بغداد وتوفي بها ، وله كتاب التفسير ، وكتاب (أخبار الرسل والملوك) المعروف بتأريخ الطبري ، وقد اعتمد فيه في أخبار الردة والفتوح ، وعصر الخلفاء على روايات سيف بن عمر التميمي صاحب كتاب (الردة والفتوح) وهو من أكذب المؤرخين.
انظر (الأعلام) ٦ / ٦٩.
(٢) القضاعي : هو محمد بن سلامة بن جعفر بن علي بن حكمون ، أبو عبد الله ، القضاعي ، المتوفى سنة ٤٥٤ ه. مؤرخ ، مفسر ، من علماء الشافعية ، كان كاتبا للوزير الجرجرائي (علي بن أحمد) بمصر في أيام الفاطميين. وأرسل في سفارة إلى الروم ، فأقام قليلا في القسطنطينية ، وتولى القضاء بمصر نيابة ، وتوفي فيها. ومن كتبه : (تفسير القرآن) عشرون مجلدا ، و (الشهاب في المواعظ والآداب) ـ ط ، و (مناقب الشافعي وأخباره).
انظر (الأعلام) ٦ / ١٤٦.