القائل : ليس لله في آل محمد حاجة ، ولم أعلم أحدا من آبائنا عليهمالسلام وسع في المكاتبة والمراسلة إلا وصرح في ذلك أو عرض بكفر مناوئيه وشرك معاديه ، ومن تأمل ذلك عرفه يعرف ذلك العارفون.
هذه رسالة محمد بن عبد الله (١) إلى أبي جعفر الدوانيقي صدرها :
بسم الله الرحمن الرحيم (طسم ، تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ ، نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ، إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ، وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ ، وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ) [القصص : ١ ـ ٦].
فهل بعد هذا رحمكم الله تعالى في التصريح مذهب؟ وهل عن دين محمد بن عبد الله النفس الزكية عليهالسلام في الإسلام مرغب؟ وهل يعلم أن أحدا نفى من الأمة عن أبي الدوانيق إمامته إلا الزيدية والمعتزلة والخوارج؟ وباقي الأمة على إمامته مطبقة وبأسبابه متعلقة إلى اليوم ؛ فلو لم يكن لهذه الأمة جرم إلا موالاة من قدمنا ذكره من بني أمية وبني العباس ، واعتقاد إمامتهم لكفروا بذلك ، واقتحموا بحار المهالك ، وحل قتلهم وسباهم ولعدت في الأنفال ذراريهم ونساؤهم ؛ لأن المعلوم من دين النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ضرورة اعتبار عدالة الشهادة ، والخليفة بالإجماع آكد حكما منه في صلاح أحواله ، وكماله في جلاله ، فمن قال بغير ذلك خالف المعلوم ضرورة ، ما حال من اعتقد إمامة الوليد بن يزيد ، الجبار العنيد ، الواطئ لأمهات أولاد أبيه ، والناكح ظاهرا كالمستور لأخته ، والآمر لجارية وطئها بالخروج لتصلي
__________________
(١) هو محمد بن عبد الله النساخ.