الإنبات والإثمار.
تستطيع أن تسمي الفلاح زارعا ـ وأنت صادق ـ لقيامه بالسبب.
وتستطيع أن تسمي الحق سبحانه زارعا لقيامه بالعمل.
(أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ (٦٣) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (٦٤) لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً) [الواقعة : ٦٣ ـ ٦٥].
فما للإنسان في سعيه مثل ما للفلاح في زرعه.
فازرع عمرك ـ إن شئت ـ خيرا ، فإن يد القدرة سوف تنميه لك وردا يانعا.
أو ازرعه ـ إن شئت ـ شرا ، فإن يد القدرة تنميه شوكا رائعا.
(وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) [التوبة : ١٠٥].
إن الصورة التي يرسمها الجبريون للعالم لا ترمز إلا إلى الفوضى المطلقة والخلط الشائن.
ولما كان البشر ـ في نظرهم ـ يقومون بأدوار لا خيرة لهم فيها ، فيهم لا يفرقون بين بر وفاجر.
وإنك لتسمع في كلام بعض الناس ممن يدينون بهذا المذهب الباطل ، تسوية بين آدم وإبليس ، وبين موسى وفرعون ، إذ الكل ـ في نظرهم ـ مدفوع إلى عمل ما قدّر عليها أزلا.
وليست الحياة إلا رواية يقوم أفرادها بما فرض عليهم من مواقف ، وينطقون بما لقّنوا من كلمات.
هذي الحياة رواية لممثل |
|
الليل ستر والنهار الملعب |
وإنك لو نقبت لرأيت هذه الصورة مرتسمة في أذهان الكثيرين ، بعضهم يعلنها مصارحا ، وبعضهم يطويها مستحييا وإن كان يدين بها.
وانهيار الدولة الإسلامية راجع إلى فشوّ هذه الضلالة بين الناس فشوّا جعل المنكر ينتشر بلا نكير ، وجعل الواجبات تهمل بلا نصيح.
وأساس الإصلاح يعتمد أول ما يعتمد على تصحيح الفهم في عقيدة القضاء