قلوبهم من مشكلة حيرة ، بعزائم حكماته المنزلة ، ودلائل آياته المفصّلة.
ويرى في الحروف المقطعة في أوائل السور علوما وأسرارا مكنونة ، قال : كيف بما في حواميمه؟! من غرائب حكمه ، وما في طواسينه ، من عجائب مكنونه ، وما في (ق) ، و (طه) ، و (يس) ، من علم جمّ للمتعلمين ، وفي كهيعص وألم والذاريات ، من أسرار العلوم الخفيات ، وما في المرسلات والنازعات ، من جزم أنباء جامعات ، لا يحيط بعلمها المكنون ، إلا كل مخصوص به مأمون ، فسر ما نزل الله سبحانه من الكتاب ، فخفيّ على كل مستهزئ لعّاب.
وأسراره برحمة الله لأوليائه فعلانية ، وأموره لهم فظاهرة بادية ، فهو الظاهر الجلي المجهور ، والباطن الخفي المستور ، وهو بمنّ الله المصون المبذول ، والجزم الذي لا يدخل شيئا منه هذر ولا فضول ، بل قرنت فيه لأهله مجامع كلمه ، وسهّلت به لهم مسامع حكمه ، فقرعت من قلوبهم مقارع ، ووقعت من أسماعهم مواقع ، لا يقعها من غيرها عندهم واقع ، ولا يسمع مثل تفسيرها أبدا منهم سامع ...
سماويّ أحله الله برحمته أرضه ، وأحكم به في العباد فرضه ، فلا يوصل إلى الخيرات أبدا إلا به ، ولا تكشف الظلمات إلا بثواقب شهبه ، من صحبه صحب سماويا لا يجهل ، وهاديا إلى كل خير لا يضل ، ومؤنسا لقرنائه لا يملّ ، وسليما لمن صحبه لا يغلّ ، ونصيحا لمن ناصحه لا يغشّ ، وأنيسا لمن آنسه لا يوحش ، وحبيبا لمن حابّه لا يبغض ، ومقبلا على من أقبل عليه لا يعرض ، يأمر بالبر والتقوى ، وينهى عن المنكر والأسواء ، لا يكذب أبدا حديثا ، ولا يخذل من أوليائه مستغيثا ، إن وعد وعدا أنجزه ، أو تعزّز به أحد أعزه.
لا تهن لأوليائه معه حجة ، ولا تبلى له ما بقي أبدا بهجه ، ولا يخلقه كرّ ولا ترداد ، ولا يلمّ به وهن ولا فساد ، ولا يعي به وإن لكن لسان ، ولا يشبه فرقانه فرقان ، ومن قبل ما صحب الروح الأمين ، والملائكة المقربين ، فكان لهم هاديا ومبينا ، وازدادوا به من الله يقينا.
فاتخذوه هاديا ودليلا ، واجعلوا سبيله لكم إلى الله سبيلا ، حافظوا عليه ولا ترفضوه ، واتخذوه حبيبا ولا تبغضوه ، فإنه لا يحب أبدا له مبغضا ، ولا يقبل على من