قيل من الإمام الكامل؟ فاض علما وزهدا وفضلا ومجدا وشرفا وجودا ، وبرز في العلم على علماء الطوائف ، واعترف بفضله وعلمه المؤالف منهم والمخالف ، ورسخت في العلوم أطنابه ، وأشرقت في ذروة الحلوم قبابه ، وظهرت على ما كان عليه من الخوف والتستر مصنفاته ، وبهرت على ما كان عليه من التزهد والتقشف صفاته ، وشخصت أبصار العلماء في زمانه إلى لقاء غرته ، وامتدت أعناق الفضلاء في أوانه إلى ورود حضرته ، واشتاقت نفوس الأولياء والزهاد إلى مراجعته ، وتطلعت قلوب الأصفياء والعباد إلى أنوار طلعته ، وكان عيانه أبلغ من سماعه ، واختباره أفضل من أخباره ، وما يشاهد فيه من الفضل أعظم مما يحكى عنه ، وما يعاين فيه من الزهد أجل مما يخبر به منه ، وما يعلم منه من العلم أوسع مما يوصف فيه ، وما يتحقق منه من الورع أكمل مما يضاف إليه ، ولو ادعيت العصمة لأحد بعد الأنبياء عليهمالسلام لادّعيت للقاسم بن إبراهيم ، وقد ورد هذا في الحديث فيما رواه أئمتنا وأهلنا وعلماؤناعليهمالسلام : مسلوب الربا عينين من أهل بيتي لو كان بعدي نبي لكان هو.
ولو كان الاتباع في الدنيا على قدر العلم والفضل والزهد ، لكان من في الدنيا كلها من فرق الإسلام على مذهب القاسم بن إبراهيم.
بل لو وقف التقليد في الفروع على الاتقان في الرواية ، ومجرد الصدق والعدالة ، وصحة التقى والطهارة ، لكان القاسم عليهالسلام أحق الأئمة كافة بتقليده ، وأولاهم بالرجوع إلى قوله واجتهاده.
ومن أنصف وبحث وطالع السّير والأخبار ، ونقّب عن الأحوال والآثار ، تعرّف صحة ما قلناه ، وتحقّق صدق ما ذكرناه. ومن جعل القاسم بن إبراهيم بينه وبين الله تعالى فقد نجا (١).
وقال الهادي بن إبراهيم الوزير : ففضائله عليهالسلام لا تحصى ، ومحامده النبوية لا تستقصى (٢).
__________________
(١) هداية الراغبين / ٤٢٨ ـ ٤٣٠. (مخطوط).
(٢) نهاية التنوية / ٢١٧.