تزيد على هذا شيئا ، وأغلق الباب لنأمن ، فقمت واستوثقت من الباب وأغلقته ، وقدمت إليهم طبقا عليه خبز وملح وخل وتمر ولبن ، فاجتمعوا وسموا الله عزوجل ، وجعلوا يأكلون من غير حشمة حتى استوفوا ، وشربوا من ماء الفرات الذي كان عندي. وقاموا فتوضئوا للصلاة ، فصلوا صلاة الأولى فرادى ووحدانا ، فلما انقلبوا مدوا أرجلهم كل واحد على سجادته ، يتحدثون ويغتمون لأمة محمد صلىاللهعليهوآله ، وما هم فيه من الجور والظلم. وقعدت على عتبة الصفّة ليراني جماعتهم وبكيت ، وقلت : يا سادة أنتم الأئمة وأنتم أولاد رسول الله ، وأولاد فاطمة وعلي صلوات الله عليهم ، وأنتم المشار إليكم ، وأنتم أهل الحل والعقد ، وأنتم العلماء ، والأئمة من ذرية النبي صلىاللهعليهوآله وولد الوصي عليهالسلام ، وقد اجتمعتم وجمع الله بينكم ، ونحن بلا إمام ولا لنا جماعة ، ولا عيد ، فارحموا كبر سني ، واعملوا فيما يقربكم إلى الله عزوجل ، وبايعوا واحدا منكم أعلمكم وأقواكم ، حتى يكون الرضى منكم ، ترضون به الإمام لنا ، إمام نطيعه ونعرفه ، ونموت بإمام للمسلمين ، ولا نموت موتة جاهلية ، ونكون نعرفه.
فقالوا : صدقت أيها الشيخ ما أحسن ما قلت ، وإن لك ملتنا ولحمنا ودمنا ، وأنت منا أهل البيت ، وما نطقت فهو الصواب ، ونحن نفعله بإذن الله إن شاء الله تعالى.
قال : فقلت : فرحوني ولا تبرحوا حتى تبرموا ولا تؤخروا إلى مجلس آخر ، فإنا لا نأمن الحوادث!
فبرز أبو محمد القاسم بن إبراهيم وأقبل على أبي عبد الله أحمد بن عيسى ، وقال : إن شيخنا وولينا قد قال قولا صادقا متفقا ، وقد اخترتك لأمة محمد صلىاللهعليهوآله ، وأنت العالم القوي ، تقوى على هذا الأمر ، فقد رضيتك ورضي أصحابنا ، فتول هذا الأمر ، ومدّ يدك أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله فأنت الرضا ، ما تقولون يا أصحابنا؟ قالوا جميعا : رضى رضى.
فقال أحمد بن عيسى : لا والله وأنت يا أبا محمد حاضر ، إذا حضرت فلا يجب لأحد أن يتقدمك ، ويختار عليك ، وأنت أولى بالبيعة مني.
فقال القاسم : اللهم غفرا اللهم غفرا ، أرضاك وأسألك أن تقوم بأمة محمد صلى