فاسمع يا بني لقول الله في خلافهم ، وما وصف فيما زعموا من خلاف أو صافهم ، فإنه يقول سبحانه : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (٦٥)) [النساء : ٦٥]. فلم يرض سبحانه منهم له بالتحكيم ، دون ما وصف من الرضى والتسليم ، فقال سبحانه : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ). وقالوا هم : بلى خلافا على الله هم مؤمنون!! والاقرار بالله ورسله ، غير الرضى والتسليم لحكمه ، فأيّ خلاف ـ لقائل أو اختلاف ، أو فرط عن قول بغير حق أو إسراف ـ أبين مما تسمع وترى ، مما قالوه جرأة وافتراء.
ويقول سبحانه : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(٦٢) [النور : ٦٢]. واستئذانهم له ، غير إقرارهم بالله وبرسوله ، فأين ما قالوا في الايمان ووصفوا (١)؟! مما قال الله به إن أنصفوا!! والله يقول سبحانه : (لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (٤٤) إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ)(٤٥) [التوبة : ٤٤ ـ ٤٥]. فالله يقول : لا يؤمنون بالله إن استأذنوا!! وهم يقولون : بلى إن أقروا فقد آمنوا!!
فأيّ مجاهرة لله بخلاف ، أو مقالة بغير حق في إسراف ، أبين على الله خلافا ، أو في قول بغير حق إسرافا ، من قول هذا مخرجه ، وسبيل أهله في القول ومنهجه؟! أو ما سمعوا لقول الله تبارك وتعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (١) [الأنفال : ١]. يخبر سبحانه أنهم إن لم يطيعوا أمر رسوله ويقبلوه ، ويفعلوا ما يأمرهم به (٢)
__________________
(١) في (أ) : فوصفوا.
(٢) سقط من (أ) : به.