بسم الله الرّحمن الرّحيم
قال أبو محمد الحسن بن القاسم رضي الله عنه :
سألت أبي رضي الله عنه عن الحجة على من ألحد في الله تمردا ، وجهل المعرفة بالله حيرة وتلددا ، فظن أنه موقن بمعرفة رب الأرباب ، وهو من ظنه لذلك في مرية وحيرة وارتياب ، فكثير أولئك ، ومن هو كذلك ، وإن هو لم يظهر ما في قلبه ، من الحيرة والجهل بربه ، جل جلاله وسلطانه ، وظهر دليل الإيقان به وبرهانه؟!
فقال : إنما يستدل يا بني : على إيقان الموقنين ، بمعرفة رب العالمين ، بطاعتهم لله وتقواهم ، فبهما يعرف يقينهم بالله وهداهم.
ولذلك يا بني وفيه ، من الدلائل عليه ، قول الله سبحانه (لرسوله ، صلىاللهعليهوآله : (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) [التوبة : ١٠٥]. وقوله سبحانه :) (١) (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (١٥)) [الحجرات : ١٥]. وقوله سبحانه : (إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (١٥) تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) (١٦) [السجدة : ١٥ ـ ١٦]. وآياته سبحانه فهي وحيه وتنزيله ، وشواهد الإيقان به ودليله ، والإيمان فمن الإيقان ، وهو الأمان من كبائر العصيان. وأكبر الكبائر عند الله ، وعند الصالحين من خلق الله ، فهو الإنكار لله ، والإلحاد في الله ، والارتياب في معرفة الله.
وفي ارتياب المرتابين ، وصفة الله للمؤمنين ، ما يقول أرحم الراحمين : (لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (٤٤) إِنَّما يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَارْتابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ) (٤٥) [التوبة : ٤٤ ـ ٤٥].
وفي الحيرة والمرية والشك والارتياب ، ما يقول سبحانه لأهل إضاعة طاعته والغفلة
__________________
(١) سقط من (أ) : ما بين القوسين.