إلا على القادر الحي الحكيم العالم ؛ فلمّا وجدنا الفعل المحكم واقعا ، دلنا ذلك على أن صانعه عالم ، قادر ، حي ، حكيم.
قال الملحد : فهل وجدت الفاعل الحكيم القادر سوى الإنسان؟
قال [القاسم] : لا.
قال [الملحد] : أفتقول إنه إنسان؟
قال [القاسم] : إني وإن لم أجد إلا إنسانا ، فلم يقع الفعل منه لأنه إنسان ، إذ قد وجدنا إنسانا تعذر عليه الفعل ، فلما وجدناه متعذرا عليه ؛ دلنا ذلك على وجود فاعل ليس بإنسان (١).
ألا ترى أنا لما قلنا : إنه لا يجوز كون الفعل إلا من قادر حكيم ، جائز منه ذلك. فكان قولنا فيه مستمرا ؛ ولما لم يستمر القول في ذلك (٢) لم نقل به.
(قال الملحد : قد أبلغت في هذا ، فنرجع إن شئت إلى مسألتي.
قال [القاسم] : سل) (٣).
قال [الملحد] : لم خلق الله العالم؟
قال القاسم عليهالسلام : قال الله سبحانه : (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) [الملك : ٢] ، وقال : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)(٥٦) [الذاريات : ٥٦] ، وقال : (وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ) [الجاثية : ١٣]. فأخبر أنه خلقنا للعبادة ، والابتلاء ، وليبلغ بنا إلى أرفع الدرجات ، وأعلى المراتب.
__________________
(١) لأن تخلف القدرة والحكمة عن بعض الناس دليل على أنها لم تحصل للآخرين لعلة كونهم من الناس ، إذ قد وجد ناس لم تحصل لهم فدل على أنها حصلت ممن يعلم ويقدر من الناس بجعل جاعل ، لا لعلة أنه إنسان. وذلك يدل على أن القدرة والحكمة لا تتوقف على الإنسانية. تعليقة السيد بدر الدين الحوثي.
(٢) أي : في الإنسان وقدرته.
(٣) سقط من (ه) : ما بين القوسين.