عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (٣١)) [النجم : ٣١]. ولا يكون ذلك خروجا من الحكمة ، بل الحكمة أن لا يضيع الثواب والعقاب.
قال الملحد : إن التوحيد ، والتعديل ، والرسل ، قد تكلم فيه ناس من أهل الملل (١) وكل يشك في الميت ، هل يحيى أم لا؟ وكلّ يجيء في ذلك بشيء ، فإن دللت على ثباته ، وكيفيته ، لم تبق لي مسألة ، وحينئذ آمنت بربي.
قال القاسم عليهالسلام : أما الدلالة على ثباتها (٢) فإني وجدت الله تبارك وتعالى حكيما ، قد امتحن خلقه ، وأمرهم ، ونهاهم ، وكان قول من يقول بإزالة الامتحان ، داعيا (٣) إلى الإهمال ، والإهمال داع إلى أن الله غير حكيم ، وإذا (٤) جاز أن يكون العالم قديما. لأنه لا فرق بين أن يفعل من (٥) ليس بحكيم هذا الصنع العجيب ، وبين أن يقع فعل لا من فاعل ، والأشياء موجودة ، فتكون قديمة أزلية ، لا فاعل لها.
ووجدت (٦) هذا القول داعيا إلى التجاهل ، فلما كان ذلك كذلك ، صح أن الله حكيم ، والحكيم لا يهمل خلقه ، وإذا لم يهمل خلقه ، لم يكن بد من أمر ونهي ، ولم يكن بد من (٧) مؤتمر ، وغير مؤتمر ، وكان من حكم العقل أن يفرق بين الولي ، والعدو ، ووجدنا أولياءه وأعداءه مستوية الأحوال في الدنيا ، لأنه كما أن في الأعداء من هو موسر صحيح ، ففيهم من هو معسر مريض ، وكذلك الأولياء ، فلما كانت في الدنيا أحوالهم مستوية ، ولم يكن بدّ من التفرقة بينهما (٨) ، صح أن دارا أخرى فيها يفرق بينهم ، وفيها ينشرون ، إذ قد وجدت هذه الحال قد اشتملت الكل ، الولي والعدو.
__________________
(١) في (ب) : الملل والرسل. وفي (ج) : أهل العلل. مصحفة.
(٢) في (أ) و (ب) و (ج) و (د) : حياتها.
(٣) في (ب) و (د) : داعية.
(٤) في (ه) : فإذا.
(٥) في (ه) : ما.
(٦) في (ب) و (ه) : وجدت.
(٧) سقط من (ه) : لم يكن بد من.
(٨) سقط من (ه) : بينهما.