من قمم الشعر العربي بلاغة وفصاحة ، بلغ مقاما رفيعا في جزالته وعذوبته ، حتى كان أئمة الزيدية الكبار يجلون شعره أيما إجلال.
قال الإمام الناصر الأطروش : لو جاز أن يقرأ شيء من الشعر في الصلاة لكان شعر القاسم عليهالسلام (١).
ونأسف كثيرا لضياع كثير من شعر الإمام القاسم ، فإن التاريخ لم يحفظ لنا إلا النزر اليسير منه ، والذي قاله في بعض المناسبات.
روى محمد بن منصور المرادي رحمهالله قال : سمعت القاسم بن إبراهيم ، ونحن في منزل للحسينيين يقال له : الورينة ، يقول : انتهى إليّ نعي أخي محمد وأنا بالمغرب ـ يقصد بالمغرب مصر ـ فتنحيت فأرقت من عيني سجلا أو سجلين ، ثم رثيته بقصيدة ، على أنه كان يقول بشيء من التشبيه (٢) ، ثم قال : ثم قرأها علي من رقعة ، فكتبتها ، وهي هذه :
يا دار دار غرور لا وفاء لها |
|
حيث الحوادث بالمكروه تستبق |
أبرحت أهلك من كد ومن أسف |
|
بمشرع شربه التصدير والرّنق |
فإن يكن فيك للآذان مستمع |
|
يصبى ومرأى تسامى نحوه الحدق |
فأيّ عيشك إلا وهو منتقل |
|
وأي شملك إلا وهو مفترق |
من سرّه أن يرى الدنيا معطلة |
|
بعين من لم يخنه الخدع والملق |
فليأت دارا جفاها الأنس موحشة |
|
مأهولة حشوها الأشلاء والخرق |
قل للقبور إذا ما جئت زائرها |
|
وهل يزار تراب البلقع الخلق؟ |
ما ذا تضمّنت يا ذا اللحد من ملك |
|
لم يحمه منك عقيان ولا ورق |
بل أيها النازح المرموس يصحبه |
|
وجد ويصحبه الترجيع والحرق |
يهدى لدار البلى عن غير مقلية |
|
قد خطّ في عرصة منها له نفق |
__________________
(١) الإفادة / ١٢٠.
(٢) يعني : التشبيه البلاغي.