__________________
قال ثعلب : البيت الأخير يدل على مذهبهم في أن الخير ممزوج بالشر ، والشر ممزوج بالخير.
أقول : والأبيات مذكورة في حماسة أبي تمام / ٣٥٧.
وقال ابن حجر : ونقل عن ابن المهدي أنه قال : ما رأيت كتابا في زندقة إلا هو أصله. لسان الميزان ٣ / ٤٤٩.
وكذلك قال الشريف المرتضى في أماليه ١ / ١٣٥.
وأيضا ما نقل الإمام القاسم عنه من كتابه من النصوص التي تؤكد صدق ما قيل عنه من الزندقة ، شاهد عدل ، وخبر ثبت ، سيما والإمام القاسم قريب العهد به ، إذ ولد ابن المقفع سنة (١٠٦ ه) ، وولد الإمام القاسم سنة (١٦٩ ه). إضافة إلى ورع الإمام الشديد الذي يستحيل معه التقول والافتراء. ورغم أني بحثت كثيرا عن كتب ابن المقفع إلا أني لم أعثر إلا على مجلد بعنوان آثار ابن المقفع ، بعد لأي وجهد ، حصلت عليه من مكتبة بعمان الأردن ، يحتوي هذا المجلد على :
ـ كليلة ودمنة.
ـ الأدب الكبير
ـ الأدب الصغير
ـ الدرة اليتيمة
ـ رسالة في الصحابة ، وبضع وريقات رسائل وحكم.
ولم أقف على كتابه الذي نقل منه الإمام القاسم ، ولعل الله أن يمن بالوقوف عليه.
ولقد شن الجاحظ حملة شعواء على الثنوية ، وذكر طرفا من عقائدهم التي ذكرها الإمام القاسم في كتابه (الرد على ابن المقفع) ، وهو من المعاصرين للإمام القاسم ، فقال : إن كتبهم لا تفيد علما ولا حكمة ، وليس فيها مثل سائر ، ولا خبر طريف ، ولا صنعة أدب ، ولا حكمة غريبة ، ولا فلسفة ، ولا مسألة كلامية ... وجل ما فيها ذكر النور والظلمة ، وتناكح الشياطين ، وتسافد العفاريت ، وذكر الصنديد ، والتهويل بعمود الصبح). الحيوان ١ / ٢٨.
وهذا يؤكد وجود رسالة ابن المقفع في هذا الشأن ، التي رد عليها الإمام القاسم ، وقد أثبت المستشرق الإيطالي (ميكل أنجلو جويدي) رسالة ابن المقفع التي فندها الإمام القاسم وأكد أنها من تأليفه.
ورغم الهالة العلمية الكبيرة التي أحيط بها في علمه بفنون وآداب العربية ، فإن الإمام القاسم قلل من علمه بلغة العرب ، وآدابها ، في غير ما موضع من كتابه هذا. قال : إنه إنما أتي هو وأضرابه من قبل جهلهم باللسان العربي. ومثّل لذلك بقوله : والذي اضطرت عظمته أعداءه الجاهلين له ، والعامين عنه. فقال : وجهله بما بين العامين والعمين من الفرق في اللسان ، أوقعه بحيث وقع من جهله بمخارج القرآن ، والعامي فإنما هو ما نسب إلى أعوام الزمان ، والعمي فإنما هو أحد العميان.
قتله ـ حرقا بتهمة الزندقة ـ سفيان بن معاوية المهلبي ، أمير البصرة ، بأمر المنصور.