عن ماني في كفره ميراثه ، وحاز عن أبيه ماني فيه تراثه ، فعقد بعنقه من ضلالاته أرباقها ، (١)وشد على نفسه من هلكاته (٢) أطواقها ، فنشأ في الغواية منشأه ، وا فترى على الله ورسله افتراءه ، فوضع كتابا أعجمي البيان ، حكم فيه لنفسه بكل زور وبهتان ، فقال من عيب المرسلين ، وافترى الكذب على رب العالمين ، بما تقوم له ذوائب الرءوس ، وتضطرب لوحشته أركان النفوس ، ووصل إلينا في ذلك كتابه ، وما جمحت به فيه من الإفك ألعابه.
فرأينا في الحق أن نضع نقضه ، بعد أن وضعنا من قول ماني بعضه ، إذ كان ماني العمي له فيما قال من الضّلال إماما ، فأما النقض على ماني فسنضع له إن شاء الله كتابا تاما (٣).
زعم ابن المقفع اللعين عماية وفرطا ، أنه لا يرى من الأشياء كلها إلا مزاجا مختلطا. كذلك زعم النور والظلمة ، اللذان هما عنده الجهل والحكمة.
فاعرفوا إن شاء الله هذا من أصله ، فإنا إنما وضعناه لنكشف به عن جهله ، وبالله نستعين في كل حال ، كانت منا في قول أو فعال
__________________
وقيل : إن سبب قتله الأمان الذي كتبه لعبد الله بن علي ـ عم المنصور ـ بعد أن خرج بالشام بعد موت السفاح ، وكان أميرا عليها ، وغلب عليها ، وادعى أن السفاح عهد إليه ، فجهز المنصور أبا مسلم الخراساني ، فدخل البصرة ، فاستأمن له أخواه عيسى وسليمان المنصور فآمنه ، فطلب عبد الله من يرتب له كتاب أمان لا يستطيع المنصور أن ينقضه ، وكان ابن المقفع كاتب سليمان أمير البصرة فأمره فكتب نسخة الأمان ، ومن جملته : ومتى غدر أمير المؤمنين بعمه عبد الله ، فرقيقه أحرار ، ونساؤه طوالق ، والمسلمون في حل من بيعته. فاشتد على المنصور ، وأمر سفيان بن معاوية المهلبي ـ وكان يعادي ابن المقفع ـ أن يقتله فقتله.
هذا ما قيل في سبب قتله.
وكما أسلفنا فقد ولد ابن المقفع سنة (١٠٦ ه) ، وقتل سنة (١٤٢ ه). يعني أنه كان في ريعان شبابه عند مقتله ، فعمره آنذاك (٣٦) سنة.
(١) الأرباق جمع ربق : الحبال.
(٢) في (أ) و (ج) : هلكته.
(٣) لم نقف عليه ولم يذكره المؤرخون ، فلعل الإمام عليهالسلام توفي قبل وضعه.