غلبة الأولياء لله (١) لعدوهم وظهورهم عليهم ، بما (٢) فيه بيان كاف ، وعبرة واضحة لذي إنصاف (٣).
واما قوله : يقاتل على الملك والدنيا. فكيف ـ ويله ـ يقاتل على الملك والدنيا ، وطلب العز فيها والكبرياء ، من كان لباسه فيها مع وجوده لملكها الشّعر والوبر والعباء والصوف ، وشعاره فيها والناس شباع آمنون الجوع والظمأ والخوف ، وما الملك ممن يظل (٤) نهاره وليله خاشعا وباكيا ، ويسيح على قدميه (٥) في الأرض حافيا ، يدعو من هلك من أهلها إلى النجاة ، وينادي من مات عن الهدى إلى الحياة ، ومن هو أعز ما يكون مفارقا (٦) لأحوال ملوك الدنيا وأغنيائها ، ومن (٧) لا يرى متكبرا عن مساكين العامة وفقرائها ، يقف عليها ، ويرى واقفا فيها ، ويأكل معها إذا أكلت ، ويجيبها إذا سألت ، ويعود مرضاها إذا مرضت ، ويشهد موتاها إذا ماتت.
فأين هذا كله ، وفرع هذا وأصله ، من أحوال الملوك التي تتكبر عن (٨) آبائها ، ولا تنظر بخير إلى أبنائها ، ما أشبه بعض ابن المقفع ببعض ، وما أحسب له في المكابرة نظيرا من أهل الأرض.
وأما قوله قول الزور والباطل : وأخرج ـ زعم ـ سلطان الجاهل ، الذي يستر (٩) عليك الجهالة ، ويأمرك أن لا تبحث ولا تطلب ، ويأمرك بالايمان بما لا تعرف ، والتصديق بما لا تعقل ، فإنك ـ زعم ـ لو أتيت السوق بدراهمك تشتري بعض السلع ، فأتاك الرجل من أصحاب السلع ، ودعاك إلى ما عنده ، وحلف لك أنه ليس في
__________________
(١) في (ج) : عليهم الأولياء. مصحفة. وفي (ب) و (ج) و (د) : بالله.
(٢) في (أ) و (ج) : ما.
(٣) في (ج) : لذوي إنصاف. وفي (ب) : لذوي الإنصاف.
(٤) في (أ) : يظل بهذه. وفي (ج) : يظن بهاذه. مصحفة.
(٥) السياح : الذهاب في الأرض للعبادة. وسقط من (أ) و (ج) : على قدميه.
(٦) في (أ) و (ج) : مفارق الأحوال. وفي (ب) و (د) : مفارق لأحوال. ولعل الصواب ما أثبت.
(٧) سقط من (أ) و (ج) : ومن.
(٨) في (أ) و (ج) : على.
(٩) في (أ) : ستر. وفي (ب) : يسري. وفي (د) : يسر.