ويقول الله تعالى : (قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) (٦٤) [آل عمران : ٦٤] ، ويقول سبحانه : (قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (٣٥) [يونس : ٣٥].
وإن (١) دعوى ابن المقفع هذه فيه ، لما لم يدّعه قط مدّع عليه ، لا ممن أجابه فاهتدى ، ولا ممن صد عنه واعتدى ، (٢) ولكني أحسب أن ابن المقفع هذى ، وألقى الشيطان على لسانه ما (٣) تمنى ، فجعل ظنه عليه يقينا ، أو كابر (٤) من وجد قوله بيّنا! كيف يا ويله ، قاتله الله وقتله ، يكون كما افتراه ، أو على شيء مما ادعاه ، والله يقول سبحانه : (* قُلْ إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنى وَفُرادى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ (٤٦)) [سبأ : ٤٦]. ويقول سبحانه : (أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (١٨٥)) [الأعراف : ١٨٥]. ويقول سبحانه : (قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) (١٠١) [يونس : ١٠١]. فهل دعا أحد إلى إخلاص الفكر دعاه ، أو حدى (٥) أحد من الناس على النظر حداه ، ما يبلغ كذب ابن المقفع في الكلام ، كذب أضغاث الأحلام ، طلب ـ ويله ـ في الكتاب من التعنيف ، وتكلّف في عيبه من التكاليف ، ما لم تطقه قبله عفاريت الشياطين ، فكيف به وإنما هو مجنون من المجانين!! أما سمع قول رب العالمين: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ
__________________
(١) في (أ) و (ج) : وأين.
(٢) في (أ) و (ج) : ملحدا.
(٣) سقط من (ب) : الشيطان. وفي (ب) : لسانه بما.
(٤) في (ج) : كأين. مصحفة.
(٥) في (أ) : حذاء. وفي (ج) : حد. مصحفة. ومعنى حدى : بعث وساق وحث.