جعلها الله أفضل مواهبه للأبرار ، أو لا فليسأل عنها ، وليطلب ما خفي فيه منها ، عند ورثة الكتاب ، الذين جعلهم الله معدن علم ما خفي فيه من الأسباب ، فإنه يقول سبحانه: (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (٣٢)) [فاطر : ٣٢]. (١) ولتكن مسألته منهم للسابقين بالخيرات ، فإن أولئك أمناء الله على سرائر الخفيات ، من منزل وحي كتابه ، وما فيه من خفي عجائبه ، فقد سمعت قول الله : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) [النحل / ٤٣ ، الأنبياء / ٧]. (٢) فأما من لا فرق عنده بين عامّي من عميّ ، ولا غيّ (٣) في العاديات من سعي ، ولا الصّور من صوّر ، ولا العمر من عمّر ، ولا النور من نوّر ، ولا الأمور من أمر ، فحقيق أن يتعلم لسان القرآن ، الذي صوّر والصّور فيه مفترقان ، والحمد لله رب العالمين ،
__________________
(١) المقصود بورثة الكتاب هم أهل البيت عليهمالسلام. والآية نزلت فيهم. أخرج الحبري في تفسيره عن علي بن الحسين عليهماالسلام في الآية قال : نزلت والله ـ فينا أهل البيت قيل فمن الظالم لنفسه؟ قال : الذي استوت حسناته وسيئاته وهو في الجنة. فقلت : والمقتصد؟ قال : العابد لله في بيته حتى يأتيه اليقين. فقلت : السابق بالخيرات؟ قال : من شهر سيفه ، ودعا إلى سبيل ربه. تفسير الحبري / ٣٥٤ (٣٢). ورواه أيضا عن زيد بن علي ومحمد بن علي عليهماالسلام / ٣٥٥ ٣٥٧. وأخرجه فرات الكوفي في تفسيره ٢ / ٣٤٧ (٤٧٣) عن زيد بن علي بلفظ : الظالم لنفسه. فيه ما في الناس ، والمقتصد : المقصد الجالس. ومنهم سابق بالخيرات : الشاهر لسيفه. وأخرجه الحسكاني عن زيد بن علي في شواهد التنزيل ٢ / ١٠٤ (٧٨٢) ، وأخرجه محمد بن سليمان الكوفي في المناقب عن زيد بن علي عليهماالسلام ٢ / ١٦٤ (٦٤٣) ، وأخرج الطبراني في المعجم الكبير ٣ / ١٢٤. عن ابن عباس حديثا في معنى الآية.
(٢) المراد بأهل الذكر آل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، روى فرات الكوفي عن أبي جعفر عليهماالسلام في الآية قال : نحن أهل الذكر ، وفي رواية : هم آل محمد. وعن زيد بن علي عليهماالسلام قال في الآية : إن الله سمى رسوله في كتابه ذكرا فقال : (أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً) [الطلاق / ١٠] ، وقال (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ). تفسير فرات ٢ / ٢٣٥ ، وأخرج الرواية الأولى محمد بن سليمان الكوفي في المناقب ١ / ١٣٠ (٧١) ، والثعلبي في تفسيره والحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل ١ / ٣٣٥ (٤٦٠).
(٣) في (ج) : عن العاديات من سعي. وفي (د) : ولا عي.