ذلك أنه ابنه يسبحه ويعبده ، والمولود (١) عندهم في الإلهية والأزلية كالوالد ، فصيّروا الرب المعبود في ذلك كله كالمربوب العابد ، فهل وراء ما قالوا به من التناقض في ذلك على الرب؟! من مزيد في تناقض أو محال أو إبطال أو إفساد أو كذب ، يقول به قائل مناقض محيل ، ويضل (٢) في مثله إلا تائه ضليل ، قد عظم في المحال والتناقض إسرافه ، وقلّ في المقام بالباطل لنفسه إنصافه ، فهو يلعب في حيرته ساهيا ، ويخوض في غمرته لاهيا.
وفيه والحمد لله وفي أمثاله ، ممن قال على الله بمقاله ، ما يقول الله تعالى : (سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ (٨٢) فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) (٨٣) [الزخرف : ٨٢ ـ ٨٣]. وفي ذلك ما يقول سبحانه : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ (٤٠) قالُوا سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ) (٤١) [سبأ : ٤٠ ـ ٤١].
وفي إحالة قول من قال بالولد ، من أهل الكتاب ومن كل ملحد ، ما يقول سبحانه: (لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا (٨٩) تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً (٩١) وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً (٩٢) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً (٩٣) لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً (٩٥)) [مريم : ٨٩ ـ ٩٥]. والإدّ من الأمور والأقاويل ، فما امتنع امكانه في العقول ، فلم يطق له أحد احتمالا ، وكان في نفسه فاسدا محالا ، وهو كما قال الله سبحانه : (وَما يَنْبَغِي). وذلك فما ليس بممكن ولا متأتي (٣).
فأي ممتنع من الأمور أبعد إمكانا (٤)؟! مما قالوا به في الولد على الله بهتانا ، وهل
__________________
(١) في (أ) و (ب) و (د) : والمعبود.
(٢) في (ج) و (د) : أو يضل.
(٣) في (ج) و (د) : ولا متأت.
(٤) في (أ) و (ب) : مكانا.