سبحانه بأسف رسوله ، صلىاللهعليهوآله ، من قولهم على الله سبحانه بالفاسد المحال ، وبأخبث ما يقال من متناقض الأقوال ، ونبأ الله جميع عباده ، بجهلهم لقولهم فيه وفساده ، بقوله سبحانه: (ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً)(٥) ، ووجدنا ما قال الله من كذبهم فيه وقلة علمهم لازما واجبا ، وكان ذلك على ما قال به من أهل الكتاب ، أوكد لما (١) يقولون به من ربوبية رب الأرباب ، فكلهم يثبت لله الربوبية ، ويصحح له الوحدانية ، وجميعهم ـ وإن زعم أن لله ولدا ـ يقر بربوبيته ووحدانيته ، ويشهد له بدوامه وأزليته ، التي لا يصح لهم أبدا ما يقولون به منها ، إلا بتركهم لمقالتهم في الولد والرجوع عنها ، ولن يرجعوا عن ذلك مصارحة أبدا ، وإن هم قالوا أن قد اتخذ الله ولدا ، لأن في رجوعهم عن القول لله بالوحدانية والأزلية ، لحوقهم عند أنفسهم بقول (٢) أهل الجاهلية ، من عبدة الأوثان ، والنجوم والنيران ، وذلك فما لن يقولوه ، وإن لم يعرفوا الله وجهلوه ، لفساد ذلك عندهم وشناعه ، وبعد إمكان ذلك في الله وامتناعه ، ولذلك ما يقول جلّ جلاله ، عن أن يصح عليه تشبيه شيء (٣) أو يناله ، في أزلية قديمة أو ذات ، أو صفة ما كانت من صفات ، إذ في ذلك ، لو كان كذلك ، إشراك (٤) غيره معه في الإلهية ، إذ كان شريكا له في القدم والأزلية.
فتبارك الله الذي (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الشورى : ١١] ، وجل ربنا عن أن يكون له في شيء كفؤ أو نظير! وأنى وكيف يكون خلق كخالقه؟! وهل يصح من ناطق بهذا لناطقه؟! لا ولو تظاهر الخلق جميعا عليه ، لما صح لهم والحمد لله أبدا منطق فيه.
__________________
(١) في (ب) : ما.
(٢) في (ج) : لقول.
(٣) في (ج) : تشبيه له بشيء.
(٤) في (ج) : اشتراك.