ومنها قول فيلبس لسائل سأله ، (١) إذ قال له عند مسألته عنه ، هو ذلك الذي ذكره موسى في التوراة ، ونسبه صلى الله عليه فيها وسمّاه ، فقال : يسوع بن يوسف (٢) ، يعرف هذا منكم كل عارف.
ومنها أيضا : شهادة يحيى التي تدل على أن معنى البنوة والولادة ، إنما هو معنى المحبة والولاية والعبادة ، إذ يقول : أما أولئك الذين قبلوا قوله ، وسلموا فيما سمعوا منه له ، فلم يولدوا من اللحم والدم ، ولا من مزاج المرة والبلغم ، ولكنهم ـ زعم ـ من الله ولدوا ، وأعطوا من كرامة الله ما رضوا وحمدوا. (٣) فتأويل هذا ومثله إن كان صدق فيه ، فإنما هو على ما يصح أن يكون عليه ، لا على ما يستحيل في الألباب والعقول ، ويفسد ويتناقض من القول في التأويل ، من أن يكون الرب عبدا ، والوالد مع ولادته ولدا ، وذلك أجهل الجهل ، وفي ذلك المكابرة للعقل.
أما سمعوا قول الملائكة لمريم ، صلى الله عليهم وعليها وسلم ، عند ما صاروا به من البشارة بولادتها ، للمسيح ابنها : (تلدين ابنا) (٤) ولم يقولوا : تلدين ابن الله ، وقالوا : (يدعا
__________________
ـ كل سنة إلى أورشليم في عيد الفصح ، ولما كانت له اثنتا عشرة سنة صعدوا إلى أورشليم كعادة العيد ، وبعد ما أكملوا الأيام بقي عند رجوعهما الصبي اليسوع في أورشليم ويوسف وأمه لم يعلما ، وإذ ظناه بين الرفقة ، ذهبا مسيرة يوم وكان يطلبانه بين الأقرباء والمعارف ، ولما لم يجداه رجعا إلى أورشليم يطلبانه ، وبعد ثلاثة أيام وجداه في الهيكل جالسا في وسط المعلمين يسمعهم ويسألهم ، وكل الذين سمعوه بهتوا من فهمه وأجوبته ، فلما أبصراه اندهشا وقالت له أمه يا بني لما ذا فعلت بنا هكذا؟ هو ذا أبوك وأنا كنا نطلبك معذبين ، فقال لهما : لما ذا كنتما تتطلبانني؟ ألم تعلما أنه ينبغي أن أكون في ما لأبي. لوقا. ٢ / ٥٠٣٩.
(١) في جميع المخطوطات : فليفس. وسقط من (ج) و (د) : سأله.
(٢) نص الإنجيل هكذا : وجد نثنائيل وقال له : وجدنا الذي كتب عنه موسى في الناموس والأنبياء ، يسوع بن يوسف الذي من الناصرة. يوحنا. ١ / ٤٦٤٥.
(٣) نص الإنجيل هكذا : (إلى خاصته جاء ، وخاصته لم تقبله ، وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطانا أن يصيروا أولاد الله ، أي المؤمنون باسمه الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ، ولا من مشيئة رجل بل من الله). إنجيل يوحنا (١٢ ـ ١٣) الإصحاح الأول. ويوحنا هو يحيى.
(٤) إنجيل متى (١ ـ ٢٢) بلفظ : وتلد ابنا.