لكم : إن من قال لأخيه ، كلمة قبيحة تؤذيه ، فقد استوجب العقوبة ، إلا أن يحدث لله منها توبة ، ومن قال لأخيه ليعيره : إنك لأرغل لم تختتن ، فقد استوجب في الآخرة نار جهنم ، بل من قرب منكم قربانه على المذبح وأدناه وقربه (١) ليذبحه ، ثم ذكر أن أخاه واجد عليه فليدع قربانه وليذهب إلى أخيه فيصالحه.
ألا وقد قيل في التوراة : لا تكذبوا إذا حلفتم ، ولكن اصدقوا إذا حلفتم بالله وأقسمتم ، وأنا فإني أقول لكم : لا تحلفوا بشيء من الأشياء ، ولا تقسموا طائعين بقسم ولا إيلاء ، (٢) لا تحلفوا بالسماء التي هي (٣) مكان كرسي الله ، وفيها يكون ملائكة الله ، ولا بالأرض التي هي منزل رحمة الله وآياته ، (٤) ولا بحياة شيء ، ولا برأس آدمي ، ولكن ليكن كلامكم نعم (٥) وكلا ، فيما تقولون وبلى ، وما كان سوى ذلك فهو من السوء ، [والقول الباطل] والهزوء ، ومن سأل أحدكم شيا ، فليعطه وإن كان نفيسا عليا (٦).
ألا وقد سمعتم أن قيل : أحبوا أولياءكم ، وأبغضوا من الناس أعداءكم ، وأنا أقول لكم أحبوا في الله أعداءكم ، وبرّكوا منهم على من لعنكم وآذاكم ، وأحسنوا منهم إلى مبغضيكم ، وصلوا منهم من يؤذيكم ، لكي تكونوا من أصفياء الله ، ولتفوزوا بالكرامة والرضا من الله ، الذي يطلع شمسه على المتقين والفجرة ، وينزل أمطاره على الظالمين والبررة ، فإن كنتم إنما تحبون من يحبكم ، فأي أجر حينئذ لكم ، أو ليس المكسة والعشارون ، كذلك فيما بينهم يفعلون.
ألا ولا تراءوا الناس بالصدقة والزكاة ، ولا بما تصلونه لله من الصلاة ، فتحبطوا أعمالكم في ذلك لله بالرياء ، وتتوفوا أجرها في عاجل هذه الدنيا ، ولكن لتكن
__________________
(١) سقط من (ج) : وقربه.
(٢) في (ج) : بقسم ولا إبلاء.
(٣) سقط من (ج) : هي.
(٤) لعل هنا سقطا.
(٥) في (ج) و (د) : زيادة : نعم ولا.
(٦) في (ج) : غليا.