يقول : إلهي من أنا فتعذبني؟! فو الله ما يشين ملكك معصيتي! ولا يزين ملكك طاعتي(١).
وكان عليهالسلام ذا صلة قوية بالله ، ويقين عظيم.
قال أبو الفرج الأصبهاني : وأخبرنا أحمد بن سعيد ، عن محمد بن منصور ، قال : سمعت القاسم بن إبراهيم يقول : أعرف رجلا دعا الله في ليلة ، وهو في بيت فقال : اللهم إني أسألك بالاسم الذي دعاك به صاحب سليمان فجاءه السرير. فتهدل البيت عليه رطبا.
قال : وسمعت القاسم يقول : أعرف رجلا دعا الله فقال : اللهم إني أسألك بالاسم الذي من دعاك به أجبته. وهو في ظلمة ، فامتلأ البيت نورا.
قال محمد : عنى به نفسه (٢).
كان الإمام القاسم آية في الزهد في الحياة ، لا يسترعي انتباهه مال ولا جاه ، خبر الدنيا كما خبرها جده علي بن أبي طالب عليهالسلام ، فلم يرفع إليها رأسا ، ولم يسع إليها بقدم.
قال الإمام أبو طالب : وأما زهده عليهالسلام فمما اتفق عليه الموافق والمخالف ، ومن أحب أن يعرف طريقته فيه ، فلينظر في كتاب (سياسة النفس) ، وكان الناصر الأطروش رضي الله عنه إذا ذكره يقول : زاهد خشن (٣).
ولّد هذا الزهد في مباهج الحياة عند الإمام ، إضافة إلى العلم المستبطن لحقائق الأشياء ولّد لديه عرفانا يلحقه بعرفان جده علي بن أبي طالب عليهالسلام ، الذي قال : لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا.
روى الإمام أبو طالب عن عبد الله بن أحمد بن سلام رحمهالله أنه قال عن نفسه ، أو عن أبيه : لست أجسر على النظر في (كتاب الهجرة) للقاسم عليهالسلام ، وأومئ
__________________
(١) الإفادة / ١٢٦.
(٢) مقاتل الطالبين / ٥٥٥ ـ ٥٥٦.
(٣) الإفادة / ١١٧.