[التوبة : ٧٧]. فقد أخبر أنهم منافقون وأنهم يلقونه ، وإذا زعموا أن اللقاء رؤية ، فالمنافق والنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يريانه بزعمهم ، إذ كان اللقاء عندهم رؤية ، فما فضل ثواب النبي صلى الله عليه على عقاب المنافق؟!
بل لا فضل بينهما إذا اشتركا في أفضل الثواب وهو الرؤية ، وفساد هذا المعنى بيّن ، وذلك لأنهم تأولوا لقاء الله تحديدا بالإحاطة ، وزعموا أيضا أن النبيين عليهمالسلام يشتبهون في لقاء الله الذي هو رؤيته ، إلا أن يزعموا أن اللقاء غير الرؤية فيصيروا إلى قولنا.
وإن هم سألوا عن التأويل للقاء الله؟
قلنا لهم : إن الأعداء والأولياء كلهم ملاقوا ربهم ، ولقاؤهم انبعاثهم (١) من أجداثهم ، ومصيرهم إلى معادهم يوم محشرهم ، (٢) ويوم إلى الله مرجعهم.
وتأويل ما سألوا عنه من قول الله سبحانه : (إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) [المطففين : ١٥] ، وذلك أن الله عزوجل لا ينالهم برحمته وهم عن ربهم محجوبون ، وترجمت (٣) هذه الآية آية أخرى قوله : (لا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) [آل عمران: ٧٧]. أي : نظره إلى أوليائه برحمته ، ولا يسمعهم كلاما لهم فيه سرور ولا فرح ، ولا ينظر إليهم أي : لا ينيلهم رحمة ولا يأتيهم بفرح.
وقد أجمع أهل الصلاة أن الله لا ينظر إلى أعدائه ، وهو يراهم في الحالة التي لا ينظر إليهم فيها ، وفي ذلك دليل أن أولياءه ينظر إليهم أي : يرحمهم ، وهو يراهم وينظر إليهم برحمته ، ونظره إلى أوليائه رحمته ، وذلك نظره الذي كان لأوليائه ولم يكن لأعدائه ، وكذلك ينظر أولياؤه إليه لا بمعنى جهرة وإحاطة منهم به ، ولكن ينظرون إليه على خلاف التحديد والإحاطة ، وقد قالت العرب : ما ننظر إلا إلى سيدنا.
__________________
(١) في (ب) و (ج) : ابتعاثهم.
(٢) في (ب) و (د) : حشرهم.
(٣) ترجمت : أي : فسّرت.