عليهم في السرور الذي نالوه من معرفة الدرك لله ، والمؤمنون يتفاضلون في الدرك لله ، وذلك بيّن فيما يرى منهم في اتصال السرور بالمعرفة ، على حسب اتصال المعرفة بالقلب ، وكلما ترقى العارف في معارج المعرفة ترقى في معارج السرور.
وقد ترى جمهور أمتنا (١) يعلمون أن الله عالم بعلمهم ، أن الله عالم ، دركا به عرفوا الله ، فهذا الدرك هو درك العلماء بالله ، فإذا نزل بهم تفصيل معاني دقائق مسائل تدخل في الكلام في العلم ، كان (٢) ذلك دركا هو عند العالمين بالله ، الذين هم في معاني درجات العارفين بالله ، (٣) فإذا أخذوا في ذلك العلم وجدوا في ذلك سرورا.
فالناس لا يستوون في درك الله في الدنيا في تفاضلهم ، وكذلك يتفاضلون غدا في إدراك الله ، للمعنى الذي ليس هو تحديد الله ، (٤) فيكون الله يعطيهم من ذلك العلم ما لا يخطر على قلب بشر في الدنيا ، مما فيه السرور والتنعم للعالمين بالله في الدنيا ، ما لا يعطي كثيرا من سواهم من العلماء الذي هم دونهم ، وقد عرفنا درك المؤمنين في الدنيا كيف هو. وأما درك المؤمنين في المعاد ، فإنا لا نعلم كيف هو ، لأنا لم نره وهو في الآخرة ثواب ، والثواب مؤجل ، وكلما كان من ثواب الله في الجنة فلا يعلم كيف هو إلا الله ، إلا أنا نعلم أن معنى الدرك له في الجنة ليس بتحديد ولا إحاطة ، فاعرف معاني الدرك واعرف (٥) فضل الدرك الذي يكون في الآخرة ، على فضل الدرك الذي يكون في الدنيا.
ولو أمدّ الله عزوجل الأبصار بالمعونة ، حتى تدرك أقل قليل نقطة من القطر في مدلهم ليل عاتم (٦) تحت الأرض السفلى ، من أبعد غايات السماوات العلى ، ما أدركت
__________________
(١) في (أ) و (ج) : أئمتنا.
(٢) في (ب) و (د) : كان في ذلك دركا (زيادة).
(٣) في (أ) و (ج) : في المعاني درجات والعارفين بالله.
(٤) في جميع المخطوطات : تحديد لله. ولعل العبارة كما أثبت ، أو : ليس هو تحديد لله. أو بتحديد الله. والله أعلم.
(٥) سقط من (ب) : إحاطة فاعرف معاني الدر واعرف.
(٦) في (أ) و (ج) : غائم.