وَكُنَّا بِهِ عالِمِينَ (٥١)) [الأنبياء : ٥١]. ويقول فيه عند تلمسه ليقين المعرفة لرب العالمين : (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ (٧٦) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (٧٧) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (٧٨) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٧٩)) [الأنعام : ٧٦ ـ ٧٩]. فقرّ به (١) صلوات الله عليه قرار اليقين ، في معرفة رب العالمين ، حين برئ عنده من مذموم الأفول والزوال ، وتصرف اختلاف التغيير والأحوال ، وما لا يكون من (٢) ذلك إلا في الأمثال المتعادلة ، وأشباه الصنع المتماثلة ، التي جل الله سبحانه أن يكون بشيء (٣) منها مثيلا ، أو يكون جل جلاله لشيء منها عديلا.
وفي مثل ذلك ما يقول سبحانه لمحمد صلى الله عليه ، مع إفضائه من يقين المعرفة إلى ما أفضى إليه : (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٦٢) لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (١٦٣)) [الأنعام : ١٦٢ ـ ١٦٣]. فهو عليهالسلام يخبر أنه أول ـ أمته وقرنه ، ومن كان معه من أهل أيامه وزمنه ، بالله لا شريك له ـ إسلاما وإيمانا ، [ومعرفة بالله وإيقانا] (٤).
والله يخبر أن قد أرى إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين ، ولو كان معهما صلى الله عليهما يومئذ وصي لمرسلين ، لكان إسلام الوصي وإيمانه قبل إسلام إبراهيم ومحمد وإيمانهما ، ويقين الوصي بالله وعلمه قبل علمهما بالله وإيقانهما ،
__________________
(١) في (أ) : فقرر به.
(٢) سقط من (ب) و (د) : من.
(٣) في (ب) و (د) : لشيء.
(٤) أشار في (أ) : إلى بياض ، وترك في (ب) و (ج) فراغا يسع ثلاث كلمات أو أربع. قد تكون (ومعرفة بالله وإيقانا) كما أثبت بين المعكوفين ، والله أعلم.